سورة يوسف : الآية 82

تفسير الآية 82 سورة يوسف

وَسْـَٔلِ ٱلْقَرْيَةَ ٱلَّتِى كُنَّا فِيهَا وَٱلْعِيرَ ٱلَّتِىٓ أَقْبَلْنَا فِيهَا ۖ وَإِنَّا لَصَٰدِقُونَ

التفسير الميسر (نخبة من العلماء)

واسأل -يا أبانا- أهل "مصر"، ومَن كان معنا في القافلة التي كنا فيها، وإننا صادقون فيما أخبرناك به.

تفسير الجلالين (جلال الدين المحلي و السيوطي)

«واسأل القرية التي كنا فيها» هي مصر أي أرسل إلى أهلها فاسألهم «والعير» أصحاب العير «التي أقبلنا فيها» وهم قوم من كنعان «وإنا لصادقون» في قولنا فرجعوا إليه وقالوا له ذلك.

تفسير السعدي (عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله السعدي التميمي مفسر)

وَاسْأَلِ إن شككت في قولنا الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا فقد اطلعوا على ما أخبرناك به وَإِنَّا لَصَادِقُونَ لم نكذب ولم نغير ولم نبدل، بل هذا الواقع.

تفسير ابن كثير (عماد الدين أبي الفداء إسماعيل بن كثير القرشي)

( واسأل القرية التي كنا فيها ) قيل : المراد مصر . قاله قتادة ، وقيل : غيرها ، ( والعير التي أقبلنا فيها ) أي : التي رافقناها ، عن صدقنا وأمانتنا وحفظنا وحراستنا ، ( وإنا لصادقون ) فيما أخبرناك به ، من أنه سرق وأخذوه بسرقته .

تفسير الوسيط لطنطاوي (محمد سيد طنطاوي)

وقولوا كذلك على سبيل زيادة التأكيد، إن كنت في شك من قولنا هذا فاسأل «القرية التي كنا فيها» والمراد بالقرية أهلها.أى: فأرسل من تريد إرساله إلى أهل القرية التي حصلت فيها حادثة السرقة فإنهم سيذكرون لك تفاصيلها.قالوا: ومرادهم بالقرية مدينة مصر التي حدث فيها ما حدث، وعبروا عنها بالقرية لأنهم يقصدون مكانا معينا منها، وهو الذي حصل فيه التفتيش لرحالهم، والمراجعة بينهم وبين عزيز مصر ومعاونيه.وقوله: وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنا فِيها معطوف على ما قبله.أى: اسأل أهل القرية التي كنا فيها، واسأل «العير» أى: قوافل التجارة التي كنا فيها عند ذهابنا وإيابنا فإن أصحاب هذه القوافل يعلمون ما حدث من ابنك «بنيامين» .وقوله وَإِنَّا لَصادِقُونَ أى: وإنا لصادقون في كل ما أخبرناك به. فكن واثقا من صدقنا.وقد ختم كبيرهم كلامه بهذه الجملة، زيادة في تأكيد صدقهم، لأن ماضيهم معه يبعث على الريبة والشك، فهم الذين قالوا له قبل ذلك في شأن يوسف: «أرسله معنا غدا يرتع ويلعب وإنا له لحافظون» ثم ألقوا به في الجب، «وجاءوا أباهم عشاء يبكون ... » .وإلى هنا تكون السورة الكريمة قد صورت بأسلوب حافل بالإثارة والمحاورة، والأخذ والرد، والترغيب والترهيب.. ما دار بين يوسف وإخوته عند ما قدموا إليه للمرة الثانية ومعهم شقيقه «بنيامين» .فماذا كان بعد ذلك؟ لقد كان بعد ذلك أن عاد الإخوة إلى أبيهم وتركوا بمصر كبيرهم وأخاهم بنيامين، ويطوى القرآن الحكيم- على عادته في هذه السورة الكريمة- أثر ذلك على قلب أبيهم المفجوع، إلا أنه يسوق لنا رده عليهم، الذي يدل على كمال إيمانه، وسعة آماله في رحمة الله- تعالى- فيقول:

تفسير البغوي (الحسين بن مسعود البغوي أبو محمد)

( واسأل القرية التي كنا فيها ) أي : أهل القرية وهي مصر . قال ابن عباس : هي قرية من قرى مصر كانوا ارتحلوا منها إلى مصر . ( والعير التي أقبلنا فيها ) أي : القافلة التي كنا فيها . وكان صحبهم قوم من كنعان من جيران يعقوب . قال ابن إسحاق : عرف الأخ المحتبس بمصر أن إخوته أهل تهمة عند أبيهم لما كانوا صنعوا في أمر يوسف فأمرهم أن يقولوا هذا لأبيهم .( وإنا لصادقون ) فإن قيل : كيف استجاز يوسف أن يعمل مثل هذا بأبيه ولم يخبره بمكانه ، وحبس أخاه مع علمه بشدة وجد أبيه عليه ، وفيه معنى العقوق ، وقطيعة الرحم ، وقلة الشفقة ؟ . قيل : قد أكثر الناس فيه ، والصحيح أنه عمل ذلك بأمر الله سبحانه وتعالى ، أمره بذلك ، ليزيد في بلاء يعقوب فيضاعف له الأجر ، ويلحقه في الدرجة بآبائه الماضين . وقيل : إنه لم يظهر نفسه لإخوته; لأنه لم يأمن أن يدبروا في أمره تدبيرا فيكتموه عن أبيه . والأول أصح .

تفسير القرطبي (أبو عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي)

قوله تعالى : واسأل القرية التي كنا فيها والعير التي أقبلنا فيها وإنا لصادقون فيه مسألتان :الأولى : قوله تعالى : واسأل القرية التي كنا فيها والعير حققوا بها شهادتهم عنده ، ورفعوا التهمة عن أنفسهم لئلا يتهمهم . فقولهم : واسأل القرية أي أهلها ; فحذف ; ويريدون بالقرية مصر . وقيل : قرية من قراها نزلوا بها وامتاروا منها . وقيل المعنى واسأل القرية وإن كانت جمادا ، فأنت نبي الله ، وهو ينطق الجماد لك ; وعلى هذا فلا حاجة إلى إضمار ; قال سيبويه : ولا يجوز كلم هندا وأنت تريد غلام هند ; لأن هذا يشكل . والقول في العير كالقول في القرية سواء . وإنا لصادقون في قولنا .الثانية : في هذه الآية من الفقه أن كل من كان على حق ، وعلم أنه قد يظن به أنه على خلاف ما هو عليه أو يتوهم أن يرفع التهمة وكل ريبة عن نفسه ، ويصرح بالحق الذي هو عليه ، حتى لا يبقى لأحد متكلم ; وقد فعل هذا نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - بقوله للرجلين اللذين مرا وهو قد خرج مع صفية يقلبها من المسجد : على رسلكما إنما هي صفية بنت حيي فقالا : سبحان الله وكبر عليهما فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : إن الشيطان يبلغ من الإنسان مبلغ الدم وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شيئا رواه البخاري ومسلم .
ex