سورة يس : الآية 83

تفسير الآية 83 سورة يس

فَسُبْحَٰنَ ٱلَّذِى بِيَدِهِۦ مَلَكُوتُ كُلِّ شَىْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ

التفسير الميسر (نخبة من العلماء)

فتنزه الله تعالى وتقدس عن العجز والشرك، فهو المالك لكل شيء، المتصرف في شؤون خلقه بلا منازع أو ممانع، وقد ظهرت دلائل قدرته، وتمام نعمته، وإليه تُرجعون للحساب والجزاء.

تفسير الجلالين (جلال الدين المحلي و السيوطي)

«فسبحان الذي بيده ملكوت» مُلك زيدت الواو والتاء للمبالغة، أي القدرة على «كل شيء وإليه ترجعون» تردُّون في الآخرة.

تفسير السعدي (عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله السعدي التميمي مفسر)

فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وهذا دليل سادس، فإنه تعالى هو الملك المالك لكل شيء، الذي جميع ما سكن في العالم العلوي والسفلي ملك له، وعبيد مسخرون ومدبرون، يتصرف فيهم بأقداره الحكمية، وأحكامه الشرعية، وأحكامه الجزائية.فإعادته إياهم بعد موتهم، لينفذ فيهم حكم الجزاء، من تمام ملكه، ولهذا قال: وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ من غير امتراء ولا شك، لتواتر البراهين القاطعة والأدلة الساطعة على ذلك. فتبارك الذي جعل في كلامه الهدى والشفاء والنور.تم تفسير سورة يس، فللّه [تعالى] الحمد كما ينبغي لجلاله، وله الثناء كما يليق بكماله، وله المجد كما تستدعيه عظمته وكبرياؤه، وصلى اللّه على محمد وآله وسلم.

تفسير ابن كثير (عماد الدين أبي الفداء إسماعيل بن كثير القرشي)

وقوله : ( فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء وإليه ترجعون ) أي : تنزيه وتقديس وتبرئة من السوء للحي القيوم ، الذي بيده مقاليد السماوات والأرض ، وإليه يرجع الأمر كله ، وله الخلق والأمر ، وإليه ترجع العباد يوم القيامة ، فيجازي كل عامل بعمله ، وهو العادل المتفضل .ومعنى قوله : ( فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء ) كقوله عز وجل : ( قل من بيده ملكوت كل شيء ) [ المؤمنون : 88 ] ، وكقوله تعالى : ( تبارك الذي بيده الملك ) [ الملك : 1 ] ، فالملك والملكوت واحد في المعنى ، كرحمة ورحموت ، ورهبة ورهبوت ، وجبر وجبروت . ومن الناس من زعم أن الملك هو عالم الأجساد والملكوت هو عالم الأرواح ، والأول هو الصحيح ، وهو الذي عليه الجمهور من المفسرين وغيرهم .قال الإمام أحمد : حدثنا حماد ، عن عبد الملك بن عمير ، حدثني ابن عم لحذيفة ، عن حذيفة - وهو ابن اليمان - رضي الله عنه ، قال : قمت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة ، فقرأ السبع الطول في سبع ركعات ، وكان إذا رفع رأسه من الركوع قال : " سمع الله لمن حمده " . ثم قال : " الحمد لذي ذي الملكوت والجبروت والكبرياء والعظمة " وكان ركوعه مثل قيامه ، وسجوده مثل ركوعه ، فأنصرف وقد كادت تنكسر رجلاي .وقد روى أبو داود ، والترمذي في الشمائل ، والنسائي ، من حديث شعبة ، عن عمرو بن مرة ، عن أبي حمزة - مولى الأنصار - عن رجل من بني عبس ، عن حذيفة ; أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم من الليل ، وكان يقول : " الله أكبر - ثلاثا - ذو الملكوت والجبروت والكبرياء والعظمة " . ثم استفتح فقرأ البقرة ، ثم ركع فكان ركوعه نحوا من قيامه ، وكان يقول في ركوعه : " سبحان ربي العظيم " . ثم رفع رأسه من الركوع ، فكان قيامه نحوا من ] ركوعه ، يقول : " لربي الحمد " . ثم سجد ، فكان سجوده نحوا من ] قيامه ، وكان يقول في سجوده : " سبحان ربي الأعلى " . ثم رفع رأسه من السجود ، وكان يقعد فيما بين السجدتين نحوا من سجوده ، وكان يقول : " رب ، اغفر لي ، رب اغفر لي " . فصلى أربع ركعات ، فقرأ فيهن البقرة ، وآل عمران ، والنساء ، والمائدة - أو الأنعام شك شعبة - هذا لفظ أبي داود .وقال النسائي : " أبو حمزة عندنا : طلحة بن يزيد ، وهذا الرجل يشبه أن يكون صلة " . كذا قال . والأشبه أن يكون ابن عم حذيفة ، كما تقدم في رواية الإمام أحمد ، [ والله أعلم ] . فأما رواية صلة بن زفر ، عن حذيفة ، فإنها في صحيح مسلم ، ولكن ليس فيها ذكر الملكوت والجبروت والكبرياء والعظمة .وقال أبو داود : حدثنا أحمد بن صالح ، حدثنا ابن وهب ، حدثني معاوية بن صالح ، عن عمرو بن قيس ، عن عاصم بن حميد ، عن عوف بن مالك الأشجعي قال : قمت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة فقام فقرأ سورة البقرة ، لا يمر بآية رحمة إلا وقف فسأل ، ولا يمر بآية عذاب إلا وقف فتعوذ . قال : ثم ركع بقدر قيامه ، يقول في ركوعه : " سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة " . ثم سجد بقدر قيامه ، ثم قال في سجوده مثل ذلك ، ثم قام فقرأ بآل عمران ، ثم قرأ سورة سورة .ورواه الترمذي في الشمائل ، والنسائي ، من حديث معاوية بن صالح ، به .] آخر تفسير سورة " يس " ولله الحمد أولا وآخرا وظاهرا وباطنا ] .

تفسير الوسيط لطنطاوي (محمد سيد طنطاوي)

ثم ختم- سبحانه- السورة الكريمة بتنزيهه- تعالى- عن كل نقص، فقال فَسُبْحانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ.أى: فتنزه الله- تعالى- الذي له ملك كل شيء ملكا تاما، والذي إليه المرجع والمآب، عن كل ما يقوله الكافرون من عدم قدرته على إحياء الموتى.فهو- سبحانه- لا يعجزه شيء، ولا يخفى على علمه شيء، ولا يحول دون قدرته شيء أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ.وبعد: فهذا تفسير محرر لسورة «يس» نسأل الله- تعالى- أن يجعله خالصا لوجهه، ونافعا لعباده.والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وصلّى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصبحه وسلم.

تفسير البغوي (الحسين بن مسعود البغوي أبو محمد)

( فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء وإليه ترجعون )أخبرنا الإمام أبو علي الحسين بن محمد القاضي ، أخبرنا أبو الطاهر الزيادي ، أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسين القطان ، حدثنا علي بن الحسين الدرابجردي ، حدثنا عبد الله بن عثمان ، أخبرنا عبد الله بن المبارك ، عن سليمان التيمي ، عن أبي عثمان - وليس بالنهدي - عن معقل بن يسار قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " اقرؤوا على موتاكم سورة يس " . ورواه محمد بن العلاء عن ابن المبارك ، وقال : عن أبي عثمان - وليس بالنهدي - عن أبيه عن معقل بن يسار .

تفسير القرطبي (أبو عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي)

فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء نزه نفسه تعالى عن العجز والشرك . وملكوت وملكوتي في كلام العرب بمعنى ملك . والعرب تقول : جبروتي خير من رحموتي . وقال سعيد عن قتادة : " ملكوت كل شيء " مفاتح كل شيء . وقرأ طلحة بن مصرف وإبراهيم التيمي والأعمش " ملكة " ، وهو بمعنى ملكوت إلا أنه خلاف المصحف . وإليه ترجعون أي : تردون وتصيرون بعد مماتكم . وقراءة العامة بالتاء على الخطاب . وقرأ السلمي وزر بن حبيش وأصحاب عبد الله " يرجعون " بالياء على الخبر .
ex