سورة قريش : الآية 1

تفسير الآية 1 سورة قريش

لِإِيلَٰفِ قُرَيْشٍ

التفسير الميسر (نخبة من العلماء)

اعْجَبوا لإلف قريش، وأمنهم، واستقامة مصالحهم، وانتظام رحلتيهم في الشتاء إلى "اليمن"، وفي الصيف إلى "الشام"، وتيسير ذلك؛ لجلب ما يحتاجون إليه.

تفسير الجلالين (جلال الدين المحلي و السيوطي)

«لإيلاف قريش».

تفسير السعدي (عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله السعدي التميمي مفسر)

قال كثير من المفسرين: إن الجار والمجرور متعلق بالسورة التي قبلها أي: فعلنا ما فعلنا بأصحاب الفيل لأجل قريش وأمنهم، واستقامة مصالحهم، وانتظام رحلتهم في الشتاء لليمن، والصيف للشام، لأجل التجارة والمكاسب.

تفسير ابن كثير (عماد الدين أبي الفداء إسماعيل بن كثير القرشي)

تفسير سورة لإيلاف قريش وهي مكية .ذكر حديث غريب في فضلها : قال البيهقي في كتاب " الخلافيات " : حدثنا أبو عبد الله الحافظ ، حدثنا بكر بن محمد بن حمدان الصيرفي بمرو ، حدثنا أحمد بن عبيد الله النرسي ، حدثنا يعقوب بن محمد الزهري ، حدثنا إبراهيم بن محمد بن ثابت بن شرحبيل ، حدثني عثمان بن عبد الله [ بن ] أبي عتيق ، عن سعيد بن عمرو بن جعدة بن هبيرة ، عن أبيه ، عن جدته أم هانئ بنت أبي طالب ; أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " فضل الله قريشا بسبع خلال : أني منهم وأن النبوة فيهم ، والحجابة والسقاية فيهم ، وأن الله نصرهم على الفيل ، وأنهم عبدوا الله عز وجل عشر سنين لا يعبده غيرهم ، وأن الله أنزل فيهم سورة من القرآن " ثم تلاها رسول الله : بسم الله الرحمن الرحيم " لإيلاف قريش إيلافهم رحلة الشتاء والصيف فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف " .هذه السورة مفصولة عن التي قبلها في المصحف الإمام ، كتبوا بينهما سطر بسم الله الرحمن الرحيم ، وإن كانت متعلقة بما قبلها . كما صرح بذلك محمد بن إسحاق وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم ; لأن المعنى عندهما : حبسنا عن مكة الفيل وأهلكنا أهله ( لإيلاف قريش ) أي : لائتلافهم واجتماعهم في بلدهم آمنين .

تفسير الوسيط لطنطاوي (محمد سيد طنطاوي)

تفسير سورة قريشمقدمة وتمهيد1- سورة «قريش» تسمى- أيضا- سورة «لإيلاف قريش» وهي من السور المكية عند جماهير العلماء، وقيل مدنية، والأول أصح لأنه المأثور عن ابن عباس وغيره، وعدد آياتها أربع آيات، وعند الحجازيين خمس آيات.وكان نزولها بعد سورة «التين» وقبل سورة «القارعة» ، فهي السورة التاسعة والعشرون في ترتيب النزول.2- ومن أهدافها: تذكير أهل مكة بجانب من نعم الله- تعالى- عليهم لعلهم عن طريق هذا التذكير يفيئون إلى رشدهم، ويخلصون العبادة لخالقهم وما نحهم تلك النعم العظيمة.والإيلاف: مصدر آلفت الشيء إيلافا و «إلفا» إذا لزمته وتعودت عليه. وتقول: آلفت فلانا الشيء، إذا ألزمته إياه. والإيلاف- أيضا- اجتماع الشمل مع الالتئام، ومنه قوله- تعالى-: وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً....ولفظ «إيلاف» مضاف لمفعوله وهو قريش، والفاعل هو الله- تعالى-: و «قريش» هم ولد النضر بن كنانة- على الأرجح- وهو الجد الثالث عشر للنبي صلى الله عليه وسلم.قال القرطبي ما ملخصه: وأما قريش فهم بنو النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس، بن مضر، فكل من كان من ولد النضر فهو قرشي.وسموا قريشا، لتجمعهم بعد التفرق، إذ التقرش: التجمع والالتئام ... أو سموا بذلك لأنهم كانوا تجارا يأكلون من مكاسبهم، والتقرش: التكسب، ويقال: قرش فلان يقرش قرشا- كقتل-، إذا كسب المال وجمعه ... .

تفسير البغوي (الحسين بن مسعود البغوي أبو محمد)

مكية( لإيلاف قريش ) قرأ أبو جعفر : " ليلاف " بغير همز " إلافهم " طلبا للخفة ، وقرأ ابن عامر " لئلاف " بهمزة مختلسة من غير ياء بعدها [ على وزن لغلاف ] وقرأ الآخرون بهمزة مشبعة وياء بعدها ، واتفقوا - غير أبي جعفر - في " إيلافهم " أنها بياء بعد الهمزة ، إلا عبد الوهاب بن فليح عن ابن كثير فإنه قرأ : " إلفهم " ساكنة اللام بغير ياء .وعد بعضهم سورة الفيل وهذه السورة واحدة ; منهم أبي بن كعب لا فصل بينهما في مصحفه ، وقالوا : اللام في " لإيلاف " تتعلق بالسورة التي قبلها ، وذلك أن الله تعالى ذكر أهل مكة عظيم نعمته عليهم فيما صنع بالحبشة ، وقال : ( لإيلاف قريش ) .وقال الزجاج : المعنى : جعلهم كعصف مأكول لإيلاف قريش ، أي [ يريد إهلاك أهل ] الفيل لتبقى قريش [ وما ألفوا من ] رحلة الشتاء والصيف .وقال مجاهد : ألفوا ذلك فلا يشق عليهم في الشتاء والصيف .والعامة على أنهما سورتان ، واختلفوا في العلة الجالبة للام في قوله " لإيلاف " ، قال الكسائي والأخفش : هي لام التعجب ، يقول : اعجبوا لإيلاف قريش رحلة الشتاء والصيف ، وتركهم عبادة رب هذا البيت ، ثم أمرهم بعبادته كما تقول في الكلام لزيد وإكرامنا إياه على وجه التعجب : اعجبوا لذلك : والعرب إذا جاءت بهذه اللام اكتفوا بها دليلا على التعجب من إظهار الفعل منه .وقال الزجاج : هي مردودة إلى ما بعدها تقديره : فليعبدوا رب هذا البيت لإيلافهم رحلة الشتاء والصيف .وقال [ ابن عيينة ] : لنعمتي على قريش .وقريش هم ولد النضر بن كنانة ، وكل من ولده النضر فهو قرشي ، ومن لم يلده النضر فليس بقرشي .أخبرنا أبو الحسن علي بن يوسف الجويني ، أخبرنا أبو محمد محمد بن علي بن محمد بن شريك الشافعي ، أخبرنا عبد الله بن مسلم أبو بكر الجوربذي ، حدثنا يونس بن عبد الأعلى الصدفي ، أخبرنا بشر بن بكر عن الأوزاعي ، حدثني شداد أبو عمار ، حدثنا واثلة بن الأسقع ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل ، واصطفى من كنانة قريشا واصطفى من قريش بني هاشم ، واصطفاني من بني هاشم " .وسموا قريشا من القرش ، والتقرش وهو التكسب والجمع ، يقال : فلان يقرش لعياله ويقترش أي يكتسب ، وهم كانوا تجارا حراصا على جمع المال والإفضال .وقال أبو ريحانة : سأل معاوية عبد الله بن عباس : لم سميت قريش قريشا ؟ قال : لدابة تكون في البحر من أعظم دوابه يقال لها القرش لا تمر بشيء من الغث والسمين إلا أكلته ، وهي تأكل ولا تؤكل ، وتعلو ولا تعلى ، قال : وهل تعرف العرب ذلك في أشعارها ؟ قال : نعم ، فأنشده شعر الجمحي :وقريش هي التي تسكن البحر بها سميت قريش قريشا سلطت بالعلو في لجة البحر على سائر البحور جيوشا تأكل الغث والسمين ولا تتركفيه لذي الجناحين ريشا هكذا في الكتاب حي قريش يأكلون البلاد أكلا [ كميشا ] ولهم في آخر الزمان نبييكثر القتل فيهم والخموشا

تفسير القرطبي (أبو عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي)

تفسير سورة قريشمكية في قول الجمهورومدنية في قول الضحاك والكلبيوهي أربع آياتبسم الله الرحمن الرحيملإيلاف قريشقيل : إن هذه السورة متصلة بالتي قبلها في المعنى . يقول : أهلكت أصحاب الفيل لإيلاف قريش ; أي لتأتلف ، أو لتتفق قريش ، أو لكي تأمن قريش فتؤلف رحلتيها . وممن عد السورتين واحدة أبي بن كعب ، ولا فصل بينهما في مصحفه . وقال سفيان بن عيينة : كان لنا إمام لا يفصل بينهما ، ويقرؤهما معا . وقال عمرو بن ميمون الأودي : صلينا المغرب خلف عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ; فقرأ في الأولى : والتين والزيتون وفي الثانية ألم تر كيف و لإيلاف قريش .وقال الفراء : هذه السورة متصلة بالسورة الأولى ; لأنه ذكر أهل مكة عظيم نعمته عليهم فيما فعل بالحبشة ، ثم قال : لإيلاف قريش أي فعلنا ذلك بأصحاب الفيل نعمة منا على قريش . وذلك أن قريشا كانت تخرج في تجارتها ، فلا يغار عليها ولا تقرب في الجاهلية . يقولون هم أهل بيت الله جل وعز ; حتى جاء صاحب الفيل ليهدم الكعبة ، ويأخذ حجارتها ، فيبني بها بيتا في اليمن يحج الناس إليه ، فأهلكهم الله - عز وجل - ، فذكرهم نعمته . أي فجعل الله ذلك لإيلاف قريش ، أي ليألفوا الخروج ولا يجترأ عليهم ; وهو معنى قول مجاهد وابن عباس في رواية سعيد بن جبير عنه . ذكره النحاس : حدثنا أحمد بن شعيب قال أخبرني عمرو بن علي قال : حدثني عامر بن إبراهيم - وكان ثقة من خيار الناس - قال حدثني خطاب بن جعفر بن أبي المغيرة ، قال : حدثني أبي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ، في قوله تعالى : لإيلاف قريش قال : نعمتي على قريش إيلافهم رحلة الشتاء والصيف . قال : كانوا يشتون بمكة ، ويصيفون بالطائف . وعلى هذا القول يجوز الوقف على رءوس الآي وإن لم يكن الكلام تاما ; على ما نبينه أثناء السورة . وقيل : ليست بمتصلة ; لأن بين السورتين بسم الله الرحمن الرحيم وذلك دليل على انقضاء السورة وافتتاح الأخرى ، وأن اللام متعلقة بقوله تعالى : فليعبدوا أي : فليعبدوا هؤلاء رب هذا البيت ، لإيلافهم رحلة الشتاء والصيف للامتيار . وكذا قال الخليل : ليست متصلة ; كأنه قال : ألف الله قريشا إيلافا فليعبدوا رب هذا البيت . وعمل ما بعد الفاء فيما قبلها لأنها زائدة غير عاطفة ; كقولك : زيدا فاضرب . وقيل : اللام في قوله تعالى : لإيلاف قريش لام التعجب ; أي اعجبوا لإيلاف قريش ; قاله الكسائي والأخفش . وقيل : بمعنى إلى . وقرأ ابن عامر : ( لإئلاف قريش ) مهموزا مختلسا بلا ياء . وقرأ أبو جعفر والأعرج ( ليلاف ) بلا همز طلبا للخفة . الباقون لإيلاف بالياء مهموزا مشبعا ; من آلفت أولف إيلافا . قال الشاعر :المنعمين إذا النجوم تغيرت والظاعنين لرحلة الإيلافويقال : ألفته إلفا وإلافا . وقرأ أبو جعفر أيضا : ( لإلف قريش ) وقد جمعهما من قال :زعمتم أن إخوتكم قريش لهم إلف وليس لكم إلافقال الجوهري : وفلان قد ألف هذا الموضع ( بالكسر ) يألف إلفا ، وآلفه إياه غيره . ويقال أيضا : آلفت الموضع أولفه إيلافا . وكذلك : آلفت الموضع أؤلفه مؤالفة وإلافا ; فصار صورة أفعل وفاعل في الماضي واحدة . وقرأ عكرمة ( ليألف ) بفتح اللام على الأمر وكذلك هو في مصحف ابن مسعود . وفتح لام الأمر لغة حكاها ابن مجاهد وغيره . وكان عكرمة يعيب على من يقرأ لإيلاف . وقرأ بعض أهل مكة ( إلاف قريش ) استشهد بقول أبي طالب يوصي أخاه أبا لهب برسول الله - صلى الله عليه وسلم - :فلا تتركنه ما حييت لمعظم وكن رجلا ذا نجدة وعفافتذود العدا عن عصبة هاشمية إلافهم في الناس خير إلافوأما قريش فهم بنو النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر . فكل من كان من ولد النضر فهو قرشي دون بني كنانة ومن فوقه . وربما قالوا : قريشي ، وهو القياس ; قال الشاعر :كل قريشي عليه مهابة [ سريع إلى واعي الندى والتكرم ]فإن أردت بقريش الحي صرفته ، وإن أردت به القبيلة لم تصرفه ; قال الشاعر ( عدي بن الرفاع ) :[ غلب المساميح الوليد سماحة ] وكفى قريش المعضلات وسادهاوالتقريش : الاكتساب ، وتقرشوا أي تجمعوا . وقد كانوا متفرقين في غير الحرم ، فجمعهم قصي بن كلاب في الحرم ، حتى اتخذوه مسكنا . قال الشاعر :أبونا قصي كان يدعى مجمعا به جمع الله القبائل من فهروقد قيل : إن قريشا بنو فهر بن مالك بن النضر . فكل من لم يلده فهر فليس بقرشي . والأول أصح وأثبت . وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : إنا ولد النضر بن كنانة لا نقفو أمنا ، ولا ننتفي من أبينا . وقال وائلة بن الأسقع : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل ، واصطفى من بني كنانة قريشا ، واصطفى من قريش بني هاشم ، واصطفاني من بني هاشم . صحيح ثابت ، خرجه البخاري ومسلم وغيرهما .واختلف في تسميتهم قريشا على أقوال : أحدها : لتجمعهم بعد التفرق ، والتقرش : التجمع والالتئام . قال أبو جلدة اليشكري :إخوة قرشوا الذنوب علينا في حديث من دهرهم وقديمالثاني : لأنهم كانوا تجارا يأكلون من مكاسبهم . والتقرش : التكسب . وقد قرش يقرش قرشا : إذا كسب وجمع . قال الفراء : وبه سميت قريش .الثالث : لأنهم كانوا يفتشون الحاج من ذي الخلة ، فيسدون خلته . والقرش : التفتيش . قال الشاعر :أيها الشامت المقرش عنا عند عمرو فهل له إبقاءالرابع : ما روي أن معاوية سأل ابن عباس لم سميت قريش قريشا ؟ فقال : لدابة في البحر من أقوى دوابه يقال لها القرش ; تأكل ولا تؤكل ، وتعلو ولا تعلى . وأنشد قول تبع :وقريش هي التي تسكن البح ر بها سميت قريش قريشاتأكل الرث والسمين ولا تت رك فيها لذي جناحين ريشاهكذا في البلاد حي قريش يأكلون البلاد أكلا كميشاولهم آخر الزمان نبي يكثر القتل فيهم والخموشا
ex