سورة ق : الآية 22

تفسير الآية 22 سورة ق

لَّقَدْ كُنتَ فِى غَفْلَةٍ مِّنْ هَٰذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَآءَكَ فَبَصَرُكَ ٱلْيَوْمَ حَدِيدٌ

التفسير الميسر (نخبة من العلماء)

لقد كنت في غفلة من هذا الذي عاينت اليوم أيها الإنسان، فكشفنا عنك غطاءك الذي غطَّى قلبك، فزالت الغفلة عنك، فبصرك اليوم فيما تشهد قوي شديد.

تفسير الجلالين (جلال الدين المحلي و السيوطي)

«لقد كنت» في الدنيا «في غفلة من هذا» النازل بك اليوم «فكشفنا عنك غطاءك» أزلنا غفلتك بما تشاهده اليوم «فبصرُك اليوم حديد» حاد تدرك به ما أنكرته في الدنيا.

تفسير السعدي (عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله السعدي التميمي مفسر)

لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا أي: يقال للمعرض المكذب يوم القيامة هذا الكلام، توبيخًا، ولومًا وتعنيفًا أي: لقد كنت مكذبًا بهذا، تاركًا للعمل له فالآن كشفنا عَنْكَ غِطَاءَكَ الذي غطى قلبك، فكثر نومك، واستمر إعراضك، فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ ينظر ما يزعجه ويروعه، من أنواع العذاب والنكال.أو هذا خطاب من الله للعبد، فإنه في الدنيا، في غفلة عما خلق له، ولكنه يوم القيامة، ينتبه ويزول عنه وسنه، ولكنه في وقت لا يمكنه أن يتدارك الفارط، ولا يستدرك الفائت، وهذا كله تخويف من الله للعباد، وترهيب، بذكر ما يكون على المكذبين، في ذلك اليوم العظيم.

تفسير ابن كثير (عماد الدين أبي الفداء إسماعيل بن كثير القرشي)

وحكى ابن جرير ثلاثة أقوال في المراد بهذا الخطاب في قوله : ( لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد )أحدها : أن المراد بذلك الكافر . رواه علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس . وبه يقول الضحاك بن مزاحم وصالح بن كيسان .والثاني : أن المراد بذلك كل أحد من بر وفاجر ; لأن الآخرة بالنسبة إلى الدنيا كاليقظة والدنيا كالمنام . وهذا اختيار ابن جرير ، ونقله عن حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس .والثالث : أن المخاطب بذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - . وبه يقول زيد بن أسلم ، وابنه . والمعنى على قولهما : لقد كنت في غفلة من هذا الشأن قبل أن يوحى إليك ، فكشفنا عنك غطاءك بإنزاله إليك ، فبصرك اليوم حديد .والظاهر من السياق خلاف هذا ، بل الخطاب مع الإنسان من حيث هو ، والمراد بقوله : ( لقد كنت في غفلة من هذا ) يعني : من هذا اليوم ، ( فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد ) أي : قوي ; لأن كل واحد يوم القيامة يكون مستبصرا حتى الكفار في الدنيا يكونون يوم القيامة على الاستقامة ، لكن لا ينفعهم ذلك . قال الله تعالى : ( أسمع بهم وأبصر يوم يأتوننا ) [ مريم : 38 ] ، وقال تعالى : ( ولو ترى إذ المجرمون ناكسو رءوسهم عند ربهم ربنا أبصرنا وسمعنا فارجعنا نعمل صالحا إنا موقنون ) [ السجدة : 12 ] .

تفسير الوسيط لطنطاوي (محمد سيد طنطاوي)

ثم يقال للكافر في هذا اليوم العصيب: لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ تامة مِنْ هذا الذي تعانيه اليوم وتشاهده فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ أى: فأنزلنا عنك في هذا اليوم تلك الغفلة التي كانت تحجبك عن الاستعداد لهذا اليوم بالإيمان والعمل الصالح.فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ أى: فبصرك ونظرك في هذا اليوم نافذ قوى، تستطيع أن تبصر به ما كنت تنكره في الدنيا، من البعث والحساب والثواب والعقاب.يقال: فلان حديد البصر، إذا كان شديد الإبصار بحيث يرى أكثر مما يراه غيره.وهكذا نرى أن هذه الآيات الكريمة، قد بينت بأسلوب بليغ مؤثر، شمول علم الله- تعالى- لكل شيء، كما بينت حالة الإنسان يوم القيامة، يوم تأتى كل نفس ومعها سائق وشهيد..ثم يحكى- سبحانه- بعد ذلك ما يقوله قرين الإنسان يوم القيامة فيقول:

تفسير البغوي (الحسين بن مسعود البغوي أبو محمد)

( لقد كنت في غفلة من هذا ) . ( لقد كنت في غفلة من هذا ) اليوم في الدنيا ( فكشفنا عنك غطاءك ) الذي كان في الدنيا على قلبك وسمعك وبصرك ( فبصرك اليوم حديد ) نافذ تبصر ما كنت تنكر في الدنيا . وروي عن مجاهد قال : يعني نظرك إلى لسان ميزانك حين توزن حسناتك وسيئاتك .

تفسير القرطبي (أبو عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي)

قوله تعالى : لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك قال ابن زيد : المراد به النبي صلى الله عليه وسلم ; أي : لقد كنت يا محمد في غفلة من الرسالة في قريش في جاهليتهم . وقال ابن عباس والضحاك : إن المراد به المشركون أي : كانوا في غفلة من عواقب أمورهم . وقال أكثر المفسرين : إن المراد به البر والفاجر . وهو اختيار الطبري . وقيل : أي : لقد كنت أيها الإنسان في غفلة عن أن كل نفس معها سائق وشهيد ; لأن هذا لا يعرف إلا بالنصوص الإلهية . فكشفنا عنك غطاءك أي : عماك ; وفيه أربعة أوجه ، أحدها : إذ كان في بطن أمه فولد ؛ قاله السدي . الثاني : إذا كان في القبر فنشر . وهذا معنى قول ابن عباس . الثالث : وقت العرض في القيامة ; قاله مجاهد . الرابع : أنه نزول الوحي وتحمل الرسالة . وهذا معنى قول ابن زيد . فبصرك اليوم حديد قيل : يراد به بصر القلب كما يقال هو بصير بالفقه فبصر القلب وبصيرته تبصرته شواهد الأفكار ونتائج الاعتبار ، كما تبصر العين ما قابلها من الأشخاص والأجسام . وقيل : المراد به بصر العين وهو الظاهر أي : بصر عينك اليوم حديد ; أي : قوي نافذ يرى ما كان محجوبا عنك . قال مجاهد : فبصرك اليوم حديد يعني نظرك إلى لسان ميزانك حين توزن سيئاتك وحسناتك . وقاله الضحاك . وقيل : يعاين ما يصير إليه من ثواب وعقاب . وهو معنى قول ابن عباس . وقيل : يعني أن الكافر يحشر وبصره حديد ثم يزرق ويعمى . وقرئ : " لقد كنت " " عنك " " فبصرك " بالكسر على خطاب النفس .
ex