سورة الزمر : الآية 61

تفسير الآية 61 سورة الزمر

وَيُنَجِّى ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوْا۟ بِمَفَازَتِهِمْ لَا يَمَسُّهُمُ ٱلسُّوٓءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ

التفسير الميسر (نخبة من العلماء)

وينجي الله من جهنم وعذابها الذين اتقوا ربهم بأداء فرائضه واجتناب نواهيه بفوزهم وتحقق أمنيتهم، وهي الظَّفَر بالجنة، لا يمسهم من عذاب جهنم شيء، ولا هم يحزنون على ما فاتهم من حظوظ الدنيا.

تفسير الجلالين (جلال الدين المحلي و السيوطي)

«وينجَّي الله» من جهنم «الذين اتقوْا» الشرك «بمفازتهم» أي بمكان فوزهم من الجنة بأن يجعلوا فيه «لا يمسهم السوء ولا هم يحزنون».

تفسير السعدي (عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله السعدي التميمي مفسر)

ولما ذكر حالة المتكبرين، ذكر حالة المتقين، فقال: وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ أي: بنجاتهم، وذلك لأن معهم آلة النجاة، وهي تقوى اللّه تعالى، التي هي العدة عند كل هول وشدة. لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ أي: العذاب الذي يسوؤهم وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ فنفى عنهم مباشرة العذاب وخوفه، وهذا غاية الأمان.فلهم الأمن التام، يصحبهم حتى يوصلهم إلى دار السلام، فحينئذ يأمنون من كل سوء ومكروه، وتجري عليهم نضرة النعيم، ويقولون الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ

تفسير ابن كثير (عماد الدين أبي الفداء إسماعيل بن كثير القرشي)

وقوله : ( وينجي الله الذين اتقوا بمفازتهم ) أي : مما سبق لهم من السعادة والفوز عند الله ، ( لا يمسهم السوء ) أي : يوم القيامة ، ( ولا هم يحزنون ) أي : ولا يحزنهم الفزع الأكبر ، بل هم آمنون من كل فزع ، مزحزحون عن كل شر ، مؤملون كل خير .

تفسير الوسيط لطنطاوي (محمد سيد طنطاوي)

ثم بين- سبحانه- حال المؤمنين يوم القيامة، بعد بيانه لحال الذين كذبوا على الله، فقال: وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفازَتِهِمْ لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ.ومفازتهم: اسم مصدر. أو مصدر ميمى. من فاز فلان بكذا، إذا ظفر به، ونال مراده منه.أى: وينجى الله- تعالى- بفضله ورحمته، الَّذِينَ اتَّقَوْا الشرك والمعاصي من عذاب جهنم، بِمَفازَتِهِمْ أى: بسبب فوزهم برضا الله- تعالى- ورحمته، جزاء إيمانهم وتقواهم، وقرأ حمزة والكسائي بمفازاتهم بالجمع.ويصح أن تكون الباء في قوله: بِمَفازَتِهِمْ للملابسة، والجار والمجرور متعلق بمحذوف هو حال من الذين اتقوا. أى ينجيهما حالة كونهم متلبسين.وقوله: لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ يجوز أن يكون تفسيرا لذلك الفوز، كأنه قيل: وما مظاهر فوزهم فكان الجواب: لا يمسهم السوء الذي يصيب غيرهم من الكافرين والعصاة، ولا هم يحزنون على شيء تركوه خلفهم في الدنيا.ويجوز أن يكون حالا من الذين اتقوا. أي: ينجيهم بسبب مفازتهم، حال كونهم لا يمسهم السوء، أى: لا يمسهم شيء مما يكره لا في الحال ولا في الاستقبال، ولا هم يحزنون على ما كان منهم في الماضي.فأنت ترى أن الله- تعالى- قد كرم المتقين تكريما عظيما، حيث نجاهم من عذاب جهنم، وجعلهم آمنين من كل ما يغمهم في كل زمان أو مكان.قال الإمام الرازي ما ملخصه: هذه آية جامعة، لأن الإنسان إذا علم أنه لا يمسه السوء، كان فارغ البال بحسب الحال، وإذا علم أنه لا يحزن كان هادئ النفس عما وقع في قلبه بسبب فوات الماضي، فحينئذ يظهر أنه سلم عن كل الآفات.وقد دلت الآية على أن المؤمنين لا ينالهم الخوف والرعب في القيامة، وتأكد هذا بقوله:لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ.. .

تفسير البغوي (الحسين بن مسعود البغوي أبو محمد)

( وينجي الله الذين اتقوا بمفازتهم ) قرأ حمزة ، والكسائي ، وأبو بكر : " بمفازاتهم " بالألف على الجمع أي : بالطرق التي تؤديهم إلى الفوز والنجاة ، وقرأ الآخرون : " بمفازتهم " على الواحد لأن المفازة بمعنى الفوز ، أي : ينجيهم بفوزهم من النار بأعمالهم الحسنة . قال المبرد : المفازة مفعلة من الفوز ، والجمع حسن كالسعادة والسعادات . ( لا يمسهم السوء ) لا يصيبهم المكروه ( ولا هم يحزنون ) .

تفسير القرطبي (أبو عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي)

قوله تعالى : وينجي الله الذين اتقوا وقرئ : " وينجي " أي : من الشرك والمعاصي . بمفازتهم على التوحيد قراءة العامة لأنها مصدر . وقرأ الكوفيون : " بمفازاتهم " وهو جائز كما تقول بسعاداتهم . وعن النبي - صلى الله عليه وسلم - تفسير هذه الآية من حديث أبي هريرة ، قال : ( يحشر الله مع كل امرئ عمله ، فيكون عمل المؤمن معه في أحسن صورة وأطيب ريح ، فكلما كان رعب أو خوف قال له : لا ترع فما أنت بالمراد به ولا أنت بالمعني به . فإذا كثر ذلك عليه قال : فما أحسنك فمن أنت ؟ فيقول : أما تعرفني ؟ أنا عملك الصالح ، حملتني على ثقلي فوالله لأحملنك ولأدفعن عنك فهي التي قال الله : وينجي الله الذين اتقوا بمفازتهم لا يمسهم السوء ولا هم يحزنون .
ex