فاصفح -أيها الرسول- عنهم، وأعرض عن أذاهم، ولا يَبْدُر منك إلا السلام لهم الذي يقوله أولو الألباب والبصائر للجاهلين، فهم لا يسافهونهم ولا يعاملونهم بمثل أعمالهم السيئة، فسوف يعلمون ما يلقَوْنه من البلاء والنكال. وفي هذا تهديد ووعيد شديد لهؤلاء الكافرين المعاندين وأمثالهم.
تفسير الجلالين (جلال الدين المحلي و السيوطي)
قال تعالى: «فاصفح» أعرض «عنهم وقل سلام» منكم وهذا قبل أن يؤمر بقتالهم «فسوف يعلمون» بالياء والتاء تهديد لهم.
تفسير السعدي (عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله السعدي التميمي مفسر)
فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ أي: اصفح عنهم ما يأتيك من أذيتهم القولية والفعلية، واعف عنهم، ولا يبدر منك لهم إلا السلام الذي يقابل به أولو الألباب والبصائر الجاهلين، كما قال تعالى عن عباده الصالحين: وإذا خاطبهم الجاهلون أي: خطابا بمقتضى جهلهم قالوا سلاما فامتثل صلى اللّه عليه وسلم، لأمر ربه، وتلقى ما يصدر إليه من قومه وغيرهم من الأذى، بالعفو والصفح، ولم يقابلهم عليه إلا بالإحسان إليهم والخطاب الجميل.فصلوات اللّه وسلامه على من خصه اللّه بالخلق العظيم، الذي فضل به أهل الأرض والسماء، وارتفع به أعلى من كواكب الجوزاء.وقوله: فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ أي: غِبَّ ذنوبهم، وعاقبة جرمهم.تم تفسير سورة الزخرف
تفسير ابن كثير (عماد الدين أبي الفداء إسماعيل بن كثير القرشي)
وقوله : ( فاصفح عنهم ) أي : المشركين ، ( وقل سلام ) أي : لا تجاوبهم بمثل ما يخاطبونك به من الكلام السيئ ، ولكن تألفهم واصفح عنهم فعلا وقولا ( فسوف يعلمون ) ، هذا تهديد منه تعالى لهم ، ولهذا أحل بهم بأسه الذي لا يرد ، وأعلى دينه وكلمته ، وشرع بعد ذلك الجهاد والجلاد ، حتى دخل الناس في دين الله أفواجا ، وانتشر الإسلام في المشارق والمغارب .آخر تفسير سورة الزخرف
تفسير الوسيط لطنطاوي (محمد سيد طنطاوي)
وقوله- تعالى-: فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ إرشاد وتسلية من الله- تعالى- لنبيه. أى: فأعرض عنهم، ولا تطمع في إيمانهم لشدة كفرهم، وَقُلْ سَلامٌ أى: وقل لهم: أمرى وشأنى الآن مسالمتكم ومتاركتكم.. فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ سوء عاقبة كفرهم وإصرارهم على باطلهم.وبعد: فهذا تفسير لسورة «الزخرف» نسأل الله- تعالى- أن يجعله خالصا لوجهه، ونافعا لعباده.وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
تفسير البغوي (الحسين بن مسعود البغوي أبو محمد)
( فاصفح عنهم ) أعرض عنهم ( وقل سلام ) معناه : المتاركة ، كقوله تعالى : " سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين " ( القصص - 55 ( فسوف يعلمون ) قرأ أهل المدينة والشام بالتاء ، والباقون بالياء ، قال مقاتل : نسختها آية السيف .
تفسير القرطبي (أبو عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي)
قوله تعالى : فاصفح عنهم وقل سلام فسوف يعلمون .قال قتادة : أمر بالصفح عنهم ثم أمره بقتالهم ، فصار الصفح منسوخا بالسيف . ونحوه عن ابن عباس قال : فاصفح عنهم أعرض عنهم . وقل سلام أي : معروفا ، أي : قل للمشركين أهل مكة ( فسوف تعلمون ) ثم نسخ هذا في سورة ( براءة ) بقوله تعالى : فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم الآية . وقيل : هي محكمة لم تنسخ . وقراءة العامة ( فسوف يعملون ) ( بالياء ) على أنه خبر من الله تعالى لنبيه بالتهديد . وقرأ نافع وابن عامر ( تعلمون ) ( بالتاء ) على أنه من خطاب النبي - صلى الله عليه وسلم - المشركين بالتهديد . و ( سلام ) رفع بإضمار عليكم ، قاله الفراء . ومعناه الأمر بتوديعهم بالسلام ، ولم يجعله تحية لهم ، حكاه النقاش . وروى شعيب بن الحبحاب أنه عرفه بذلك كيف السلام عليهم ؛ والله أعلم .