سورة الشعراء : الآية 130

تفسير الآية 130 سورة الشعراء

وَإِذَا بَطَشْتُم بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ

التفسير الميسر (نخبة من العلماء)

أتبنون بكل مكان مرتفع بناء عاليًا تشرفون منه فتسخرون مِنَ المارة؟ وذلك عبث وإسراف لا يعود عليكم بفائدة في الدين أو الدنيا، وتتخذون قصورًا منيعة وحصونًا مشيَّدة، كأنكم تخلدون في الدنيا ولا تموتون، وإذا بطشتم بأحد من الخلق قتلا أو ضربًا، فعلتم ذلك قاهرين ظالمين.

تفسير الجلالين (جلال الدين المحلي و السيوطي)

«وإذا بطشتم» بضرب أو قتل «بطشتم جبارين» من غير رأفة.

تفسير السعدي (عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله السعدي التميمي مفسر)

وَإِذَا بَطَشْتُمْ بالخلق بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ قتلا وضربا, وأخذ أموال. وكان الله تعالى قد أعطاهم قوة عظيمة, وكان الواجب عليهم أن يستعينوا بقوتهم على طاعة الله, ولكنهم فخروا, واستكبروا, وقالوا: مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً واستعملوا قوتهم في معاصي الله, وفي العبث والسفه, فلذلك نهاهم نبيهم عن ذلك.

تفسير ابن كثير (عماد الدين أبي الفداء إسماعيل بن كثير القرشي)

وقوله : ( وإذا بطشتم بطشتم جبارين ) وصفهم بالقوة والغلظة والجبروت .

تفسير الوسيط لطنطاوي (محمد سيد طنطاوي)

وَإِذا بَطَشْتُمْ أى: وإذا أردتم السطو والظلم والبغي على غيركم بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ.أى: أخذتموه بعنف وقهر وتسلط دون أن تعرف الرحمة إلى قلوبكم سبيلا.فأنت ترى أن هودا- عليه السلام- قد استنكر على قومه تطاولهم في البنيان بقصد التباهي والعبث والتفاخر، لا بقصد النفع العام لهم ولغيرهم. كما استنكر عليهم انصرافهم عن العمل الصالح الذي ينفعهم في آخرتهم وانهماكهم في التكاثر من شئون دنياهم حتى لكأنهم مخلدون فيها، كما استنكر عليهم- كذلك- قسوة قلوبهم، وتحجر مشاعرهم، وإنزالهم الضربات القاصمة بغيرهم بدون رأفة أو شفقة.

تفسير البغوي (الحسين بن مسعود البغوي أبو محمد)

( وإذا بطشتم ) أخذتم وسطوتم ، ( بطشتم جبارين ) قتلا بالسيف وضربا بالسوط ، " والجبار " : الذي يقتل ويضرب على الغضب .

تفسير القرطبي (أبو عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي)

قوله تعالى : وإذا بطشتم بطشتم جبارين البطش السطوة والأخذ بالعنف وقد بطش به يبطش ويبطش بطشا . وباطشه مباطشة . وقال ابن عباس ومجاهد . : البطش العسف قتلا بالسيف وضربا بالسوط . ومعنى ذلك : فعلتم ذلك ظلما . وقال مجاهد أيضا : هو ضرب بالسياط ; ورواه مالك بن أنس عن نافع عن ابن عمر فيما ذكر ابن العربي . وقيل : هو القتل بالسيف في غير حق . حكاه يحيى بن سلام . وقال الكلبي والحسن : هو القتل على الغضب من غير تثبت . وكله يرجع إلى قول ابن عباس . وقيل : إنه المؤاخذة على العمد والخطأ من غير عفو ولا إبقاء . قال ابن العربي : ويؤيد ما قال مالك قول الله تعالى عن موسى : فلما أن أراد أن يبطش بالذي هو عدو لهما قال يا موسى أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس إن تريد إلا أن تكون جبارا في الأرض وذلك أن موسى عليه السلام لم يسل عليه سيفا ولا طعنه برمح ، وإنما وكزه وكانت منيته في وكزته . والبطش يكون باليد وأقله الوكز والدفع ، ويليه السوط والعصا ، ويليه الحديد ، والكل مذموم إلا بحق . والآية نزلت خبرا عمن تقدم من الأمم ، ووعظا من الله عز وجل لنا في مجانبة ذلك الفعل الذي ذمهم به وأنكره عليهم .قلت : وهذه الأوصاف المذمومة قد صارت في كثير من هذه الأمة ، لا سيما بالديار المصرية منذ وليتها البحرية ; فيبطشون بالناس بالسوط والعصا في غير حق . وقد أخبر صلى الله عليه وسلم أن ذلك يكون . كما في صحيح مسلم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : صنفان من أهل النار لم أرهما قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رءوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا . وخرج أبو دواد من حديث ابن عمر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم . " جبارين " : قتالين . والجبار : القتال في غير حق . وكذلك قوله تعالى : إن تريد إلا أن تكون جبارا في الأرض قاله الهروي . وقيل : الجبار المتسلط العاتي ; ومنه قوله تعالى : وما أنت عليهم بجبار أي بمسلط . وقال الشاعر :سلبنا من الجبار بالسيف ملكه عشيا وأطراف الرماح شوارع
ex