سورة الرعد : الآية 10

تفسير الآية 10 سورة الرعد

سَوَآءٌ مِّنكُم مَّنْ أَسَرَّ ٱلْقَوْلَ وَمَن جَهَرَ بِهِۦ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍۭ بِٱلَّيْلِ وَسَارِبٌۢ بِٱلنَّهَارِ

التفسير الميسر (نخبة من العلماء)

يستوي في علمه تعالى مَن أخفى القول منكم ومَن جهر به، ويستوي عنده مَن استتر بأعماله في ظلمة الليل، ومن جهر بها في وضح النهار.

تفسير الجلالين (جلال الدين المحلي و السيوطي)

«سواء منكم» في علمه تعالى «من أسر القول ومن جهر به ومن هو مُستخف» مستتر «بالليل» بظلامه «وسارب» ظاهر بذهابه في سربه، أي طريقه «بالنهار».

تفسير السعدي (عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله السعدي التميمي مفسر)

سَوَاءٌ مِنْكُمْ في علمه وسمعه وبصره. مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ أي: مستقر بمكان خفي فيه، وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ أي: داخل سربه في النهار والسرب هو ما يختفي فيه الإنسان إما جوف بيته أو غار أو مغارة أو نحو ذلك.

تفسير ابن كثير (عماد الدين أبي الفداء إسماعيل بن كثير القرشي)

يخبر تعالى عن إحاطة علمه بجميع خلقه ، سواء منهم من أسر قوله أو جهر به ، فإنه يسمعه لا يخفى عليه شيء كما قال : ( وإن تجهر بالقول فإنه يعلم السر وأخفى ) [ طه : 7 ] وقال : ( ويعلم ما تخفون وما تعلنون ) [ النمل : 25 ] وقالت عائشة ، رضي الله عنها : سبحان الذي وسع سمعه الأصوات ، والله لقد جاءت المجادلة تشتكي زوجها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا في جنب البيت ، وإنه ليخفى علي بعض كلامها ، فأنزل الله : ( قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاوركما إن الله سميع بصير ) [ المجادلة : 1 ] .وقوله : ( ومن هو مستخف بالليل ) أي : مختف في قعر بيته في ظلام الليل ، ( وسارب بالنهار ) أي : ظاهر ماش في بياض النهار وضيائه ، فإن كليهما في علم الله على السواء ، كما قال تعالى : ( ألا حين يستغشون ثيابهم يعلم ما يسرون وما يعلنون ) [ هود : 5 ] وقال تعالى : ( وما تكون في شأن وما تتلو منه من قرآن ولا تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهودا إذ تفيضون فيه وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين ) [ يونس : 61 ] .

تفسير الوسيط لطنطاوي (محمد سيد طنطاوي)

وقوله- سبحانه- سَواءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسارِبٌ بِالنَّهارِ تأكيد آخر لشمول- علمه- سبحانه- لأحوال عباده.وسواء: اسم مصدر بمعنى الاستواء، والمراد به هنا اسم الفاعل. أى: مستو.قال الجمل: «وفيه وجهان: أحدهما أنه خبر مقدم، ومن أسر ومن جهر هو المبتدأ، وإنما لم يثن الخبر لأنه في الأصل مصدر، وهو هنا بمعنى مستو.والثاني أنه مبتدأ، وجاز الابتداء به لوصفه بقوله مِنْكُمْ .وَسارِبٌ بِالنَّهارِ أى: ظاهر بالنهار. يقال: سرب في الأرض يسرب سربا وسروبا.أى: ذهب في سربه- بسكون الراء وكسر السين وفتحها- أى طريقه.والمعنى: أنه- تعالى- مستو في علمه من أسر منكم القول، ومن جهر به بأن أعلنه لغيره.ومستو في علمه- أيضا- من هو مستتر في الظلمة الكائنة في الليل، ومن هو ذاهب في سربه وطريقه بالنهار بحيث يبصره غيره.وذكر- سبحانه- الاستخفاء مع الليل لكونه أشد خفاء، وذكر السروب مع النهار لكونه أشد ظهورا.

تفسير البغوي (الحسين بن مسعود البغوي أبو محمد)

قوله تعالى : ( سواء منكم من أسر القول ومن جهر به ) أي : يستوي في علم الله المسر بالقول والجاهر به ( ومن هو مستخف بالليل ) أي : مستتر بظلمة الليل ( وسارب بالنهار ) أي : ذاهب في سربه ظاهر . والسرب - بفتح السين وسكون الراء - : الطريق .قال القتيبي : سارب بالنهار : أي متصرف في حوائجه . قال ابن عباس [ في هذه الآية ] هو صاحب ريبة ، مستخف بالليل ، فإذا خرج بالنهار أرى الناس أنه بريء من الإثم . وقيل : مستخف بالليل ، أي : ظاهر ، من قولهم : خفيت الشيء ; إذا أظهرته ، وأخفيته : إذا كتمته . وسارب بالنهار : أي متوار داخل في سرب .

تفسير القرطبي (أبو عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي)

قوله تعالى : سواء منكم من أسر القول ومن جهر به ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار قوله تعالى : سواء منكم من أسر القول ومن جهر به إسرار القول : ما حدث به المرء نفسه ، والجهر ما حدث به غيره ; والمراد بذلك أن الله سبحانه يعلم ما أسره الإنسان من خير وشر ، كما يعلم ما جهر به من خير وشر . و " منكم " يحتمل أن يكون وصفا ل " سواء " التقدير : سر من أسر وجهر من جهر سواء منكم ; ويجوز أن يتعلق ب " سواء " على معنى : يستوي منكم ، كقولك : مررت بزيد . ويجوز أن يكون على تقدير : سر من أسر منكم وجهر من جهر منكم . ويجوز أن يكون التقدير : ذو سواء منكم من أسر القول ومن جهر به ، كما تقول : عدل زيد وعمرو أي ذوا عدل . وقيل : سواء أي مستو ، فلا يحتاج إلى تقدير حذف مضاف .ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار أي يستوي في علم الله السر والجهر ، والظاهر في الطرقات ، والمستخفي في الظلمات . وقال الأخفش وقطرب : المستخفي بالليل الظاهر ; ومنه خفيت الشيء وأخفيته أي أظهرته ; وأخفيت الشيء أي استخرجته ; ومنه قيل للنباش : المختفي . وقال امرؤ القيس :خفاهن من أنفاقهن كأنما خفاهن ودق من عشي مجلبوالسارب المتواري ، أي الداخل سربا ; ومنه قولهم : انسرب الوحشي إذا دخل في كناسه . وقال ابن عباس : مستخف مستتر ، وسارب ظاهر . مجاهد : مستخف بالمعاصي ، وسارب ظاهر . وقيل : معنى سارب ذاهب ; قال الكسائي : سرب يسرب سربا وسروبا إذا ذهب ; وقال الشاعر :وكل أناس قاربوا قيد فحلهم ونحن خلعنا قيده فهو ساربأي ذاهب . وقال أبو رجاء : السارب الذاهب على وجهه في الأرض ; قال الشاعر :أنى سربت وكنت غير سروبوقال القتبي : سارب بالنهار أي منصرف في حوائجه بسرعة ; من قولهم : انسرب الماء . وقال الأصمعي : خل سربه أي طريقه .
ex