سورة النحل : الآية 23

تفسير الآية 23 سورة النحل

لَا جَرَمَ أَنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ ۚ إِنَّهُۥ لَا يُحِبُّ ٱلْمُسْتَكْبِرِينَ

التفسير الميسر (نخبة من العلماء)

حقًا أنَّ الله يعلم ما يخفونه مِن عقائد وأقوال وأفعال، وما يظهرونه منها، وسيجازيهم على ذلك، إنه عز وجل لا يحب المستكبرين عن عبادته والانقياد له، وسيجازيهم على ذلك.

تفسير الجلالين (جلال الدين المحلي و السيوطي)

«لا جرم» حقا «أن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون» فيجازيهم بذلك «إنه لا يحب المستكبرين» بمعنى أنه يعاقبهم.

تفسير السعدي (عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله السعدي التميمي مفسر)

لَا جَرَمَ أي: حقا لا بد أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ من الأعمال القبيحة إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ بل يبغضهم أشد البغض، وسيجازيهم من جنس عملهم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين

تفسير ابن كثير (عماد الدين أبي الفداء إسماعيل بن كثير القرشي)

ولهذا قال هاهنا : ( لا جرم ) أي : حقا ( أن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون ) أي : وسيجزيهم على ذلك أتم الجزاء ، ( إنه لا يحب المستكبرين )

تفسير الوسيط لطنطاوي (محمد سيد طنطاوي)

ثم بين- سبحانه- سوء مصيرهم، فقال: لا جَرَمَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ، إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ.وكلمة «لا جرم» وردت في القرآن في خمسة مواضع، وفي كل موضع كانت متلوة بأن واسمها، وليس بعدها فعل.وجمهور النحاة على أنها مركبة من «لا» و «جرم» تركيب خمسة عشر ومعناها بعد التركيب معنى الفعل: حق وثبت، والجملة بعدها فاعل.قال الخليل: لا جرم، كلمة تحقيق ولا تكون إلا جوابا، يقال: فعلوا ذلك، فيقال:لا جرم سيندمون.وقال الفراء: «لا جرم» كلمة كانت في الأصل بمنزلة لا بد ولا محالة، فجرت على ذلك وكثرت حتى تحولت إلى معنى القسم، وصارت بمنزله حقا فلذلك يجاب عنها باللام، كما يجاب بها عن القسم ألا تراهم يقولون لا جرم لآتينك.والمعنى: حق وثبت أن الله- تعالى- يعلم ما يسره هؤلاء المشركون وما يعلنونه من أقوال وأفعال، وسيجازيهم على ذلك بما يستحقونه من عقوبات، لأنه- سبحانه- لا يحب المستكبرين عن الاستجابة للحق، المغرورين بأموالهم وأولادهم، الجاحدين لنعم الله وآلائه.قال القرطبي: قال العلماء: وكل ذنب يمكن التستر منه وإخفاؤه، إلا الكبر، فإنه فسق يلزمه الإعلان، وهو أصل العصيان كله.وفي الحديث الصحيح: «إن المتكبرين يحشرون أمثال الذرّ يوم القيامة، يطؤهم الناس بأقدامهم لتكبرهم» أو كما قال صلى الله عليه وسلم: «تصغر لهم أجسامهم في المحشر حتى يضرهم صغرها، وتعظم لهم في النار حتى يضرهم عظمها».وبعد أن أقامت السورة الكريمة الأدلة الساطعة، على وحدانية الله، وقدرته، وعلى بطلان عبادة غيره.. أتبعت ذلك بحكاية بعض أقاويل المشركين، وردت عليها بما يدحضها، وببيان سوء عاقبتهم، وعاقبة أشباههم من قبلهم، فقال- تعالى-:

تفسير البغوي (الحسين بن مسعود البغوي أبو محمد)

( لا جرم ) حقا ( أن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون إنه لا يحب المستكبرين )أخبرنا أبو سعيد بكر بن محمد بن محمد بن محمي البسطامي ، أخبرنا أبو الحسن عبد الرحمن بن إبراهيم بن سختويه ، أخبرنا أبو الفضل سفيان بن محمد الجوهري ، حدثنا علي بن الحسن بن أبي عيسى الهلالي حدثنا يحيى بن حماد ، حدثنا شعبة ، عن أبان بن تغلب ، عن فضيل الفقيمي ، عن إبراهيم النخعي ، عن علقمة بن قيس ، عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا يدخل الجنة من في قلبه مثقال ذرة من كبر ، ولا يدخل النار من في قلبه مثقال ذرة من إيمان " ، فقال رجل : يا رسول الله إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا؟ قال : " إن الله جميل يحب الجمال ، الكبر بطر الحق وغمط الناس " .

تفسير القرطبي (أبو عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي)

لا جرم أن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون أي من القول والعمل فيجازيهم . قال الخليل : لا جرم كلمة تحقيق ولا تكون إلا جوابا ; يقال : فعلوا ذلك ; فيقال : لا جرم سيندمون . أي حقا أن لهم النار . وقد مضى القول في هذا في " هود " مستوفىإنه لا يحب المستكبرين أي لا يثيبهم ولا يثني عليهم . وعن الحسين بن علي أنه مر بمساكين قد قدموا كسرا بينهم وهم يأكلون فقالوا : الغذاء يا أبا عبد الله ، فنزل وجلس معهم وقال : إنه لا يحب المستكبرين فلما فرغ قال : قد أجبتكم فأجيبوني ; فقاموا معه إلى منزله فأطعمهم وسقاهم وأعطاهم وانصرفوا . قال العلماء . وكل ذنب يمكن التستر منه وإخفاؤه إلا الكبر ; فإنه فسق يلزمه الإعلان ، وهو أصل العصيان كله . وفي الحديث الصحيح إن المستكبرين يحشرون أمثال الذر يوم القيامة يطؤهم الناس بأقدامهم لتكبرهم . أو كما قال - صلى الله عليه وسلم - : تصغر لهم أجسامهم في المحشر حتى يضرهم صغرها وتعظم لهم في النار حتى يضرهم عظمها .
ex