وأنزلنا من السحب الممطرة ماء منصَبّا بكثرة، لنخرج به حبًا مما يقتات به الناس وحشائش مما تأكله الدَّواب، وبساتين ملتفة بعضها ببعض لتشعب أغصانها؟
تفسير الجلالين (جلال الدين المحلي و السيوطي)
«وجنات» بساتين «ألفافا» ملتفة، جمع لفيف كشريف وأشراف.
تفسير السعدي (عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله السعدي التميمي مفسر)
وَجَنَّاتٍ أَلْفَافًا أي: بساتين ملتفة، فيها من جميع أصناف الفواكه اللذيذة.فالذي أنعم عليكم بهذه النعم العظيمة ، التي لا يقدر قدرها، ولا يحصى عددها، كيف [تكفرون به و] تكذبون ما أخبركم به من البعث والنشور؟! أم كيف تستعينون بنعمه على معاصيه وتجحدونها؟"
تفسير ابن كثير (عماد الدين أبي الفداء إسماعيل بن كثير القرشي)
( وجنات ) أي : بساتين وحدائق من ثمرات متنوعة ، وألوان مختلفة ، وطعوم وروائح متفاوتة ، وإن كان ذهلك في بقعة واحدة من الأرض مجتمعا ; ولهذا قال : ( وجنات ألفافا ) قال ابن عباس ، وغيره : ( ألفافا ) مجتمعة . وهذه كقوله تعالى : ( وفي الأرض قطع متجاورات وجنات من أعناب وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان يسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض في الأكل ) الآية [ الرعد : 4 ] .
تفسير الوسيط لطنطاوي (محمد سيد طنطاوي)
أما الدليل التاسع على قدرته - تعالى - على البعث ، فنراه فى قوله - تعالى - :( وَأَنزَلْنَا مِنَ المعصرات مَآءً ثَجَّاجاً . لِّنُخْرِجَ بِهِ حَبّاً وَنَبَاتاً . وَجَنَّاتٍ أَلْفَافاً ) .والمعصرات - بضم الميم وكسر الصاد - السحب التى تحمل المطر ، جمع معصرة - بكسر الصاد - اسم فاعل ، من أعصرت السحابة إذا أوشكت على إنزال الماء لامتلائها به . .قال ابن كثير : عن ابن عباس : " المعصرات " الرياح . لأنها تستدر المطر من السحاب . . وفى رواية عنه أن المراد بها : السحاب ، وكذا قال عكرمة . . واختاره ابن جرير . .وقال الفراء : هى السحاب التى تتحلب بالماء ولم تمطر بعد ، كما يقال : امرأة معصر ، إذا حان حيضها ولم تحض بعد .وعن الحسن وقتادة : المعصرات : يعنى السموات . وهذا قول غريب ، والأظهر أن المراد بها السحاب ، كما قال - تعالى - : ( الله الذي يُرْسِلُ الرياح فَتُثِيرُ سَحَاباً فَيَبْسُطُهُ فِي السمآء كَيْفَ يَشَآءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً فَتَرَى الودق يَخْرُجُ مِنْ خِلاَلِهِ . . . ) والثجاج : المندفع بقوة وكثرة ، يقال : ثج الماء - كرد - إذا انصب بقوة وكثرة .ومطر ثجاج ، أى : شديد الانصباب جدا .وقوله : ( أَلْفَافاً ) اسم جمع لا واحد له من لفظه ، كالأوزاع للجماعات المتفرقة . وقيل : جمع لفيف ، كأشراف وشريف . أى : وأنزلنا لكم - يا بنى آدم - بقدرتنا ورحمتنا - من السحائب التى أوشكت على الإِمطار ، ماء كثيرا متدفقا بقوة ، لنخرج بهذا الماء حبا تقتاتون به - كالقمح والشعير .. ونباتا تستعملونه لدوابكم كالتبن والكلأ ، ولنخرج بهذا الماء - أيضا - بساتين قد التفت أغصانها لتقاربها وشدة نمائها .فهذه تسعة أدلة أقامها - سبحانه - على أن البعث حق ، وهى أدلة مشاهدة محسوسة ، لا يستطيع عاقل إنكار واحد منها . . وما دام الأمر كذلك فكيف ينكرون قدرته على البعث ، مع أنه - تعالى - قد أوجد لهم كل هذه النعم التى منها ما يتعلق بخلقهم ، ومنها ما يتعلق بالأرض والسموات ، ومنها ما يتعلق بنومهم ، وبالليل والنهار ، ومنها ما يتعلق بالشمس ، وبالسحب التى تحمل لهم الماء الذى لا يحاة لهم بدونه .وبعد إيراد هذه الأدلة المقنعة لكل عاقل ، أكد - سبحانه - ما اختلفوا فيه ، وما تساءلوا عنه
تفسير القرطبي (أبو عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي)
قوله تعالى : وجنات أي بساتين ألفافا أي ملتفة بعضها ببعض لتشعب أغصانها ، ولا واحد له كالأوزاع والأخياف . وقيل : واحد الألفاف لف بالكسر ولف بالضم . ذكره الكسائي ، قال :جنة لف وعيش مغدق وندامى كلهم بيض زهروعنه أيضا وأبي عبيدة : لفيف كشريف وأشراف . وقيل : هو جمع الجمع . حكاه الكسائي . يقال : جنة لفاء ونبت لف والجمع لف بضم اللام مثل حمر ، ثم يجمع اللف ألفافا . الزمخشري : ولو قيل جمع ملتفة بتقدير حذف الزوائد لكان وجيها . ويقال : شجرة لفاء وشجر لف وامرأة لفاء : أي غليظة الساق مجتمعة اللحم . وقيل : التقدير : ونخرج به جنات ألفافا ، فحذف لدلالة الكلام عليه . ثم هذا الالتفاف والانضمام معناه أن الأشجار في البساتين تكون متقاربة ، فالأغصان من كل شجرة متقاربة لقوتها .