سورة الناس : الآية 4

تفسير الآية 4 سورة الناس

مِن شَرِّ ٱلْوَسْوَاسِ ٱلْخَنَّاسِ

التفسير الميسر (نخبة من العلماء)

من أذى الشيطان الذي يوسوس عند الغفلة، ويختفي عند ذكر الله.

تفسير الجلالين (جلال الدين المحلي و السيوطي)

«من شر الوسواس» الشيطان سمي بالحدث لكثرة ملابسته له «الخناس» لأنه يخنس ويتأخر عن القلب كلما ذكر الله.

تفسير السعدي (عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله السعدي التميمي مفسر)

وهذه السورة مشتملة على الاستعاذة برب الناس ومالكهم وإلههم، من الشيطان الذي هو أصل الشرور كلها ومادتها، الذي من فتنته وشره، أنه يوسوس في صدور الناس، فيحسن [لهم] الشر، ويريهم إياه في صورة حسنة، وينشط إرادتهم لفعله، ويقبح لهم الخير ويثبطهم عنه، ويريهم إياه في صورة غير صورته، وهو دائمًا بهذه الحال يوسوس ويخنس أي: يتأخر إذا ذكر العبد ربه واستعان على دفعه.فينبغي له أن [يستعين و] يستعيذ ويعتصم بربوبية الله للناس كلهم.وأن الخلق كلهم، داخلون تحت الربوبية والملك، فكل دابة هو آخذ بناصيتها.وبألوهيته التي خلقهم لأجلها، فلا تتم لهم إلا بدفع شر عدوهم، الذي يريد أن يقتطعهم عنها ويحول بينهم وبينها، ويريد أن يجعلهم من حزبه ليكونوا من أصحاب السعير، والوسواس كما يكون من الجن يكون من الإنس، ولهذا قال: مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ .

تفسير ابن كثير (عماد الدين أبي الفداء إسماعيل بن كثير القرشي)

وقال سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله : ( الوسواس الخناس ) قال : الشيطان جاثم على قلب ابن آدم ، فإذا سها وغفل وسوس ، فإذا ذكر الله خنس . وكذا قال مجاهد وقتادة .وقال المعتمر بن سليمان ، عن أبيه : ذكر لي أن الشيطان ، أو الوسواس ينفث في قلب ابن آدم عند الحزن وعند الفرح ، فإذا ذكر الله خنس .وقال العوفي عن ابن عباس في قوله : ( الوسواس ) قال : هو الشيطان يأمر ، فإذا أطيع خنس .

تفسير الوسيط لطنطاوي (محمد سيد طنطاوي)

وقوله- سبحانه-: مِنْ شَرِّ الْوَسْواسِ الْخَنَّاسِ متعلق بقوله أَعُوذُ.والوسواس: اسم للوسوسة وهي الصوت الخفى، والمصدر الوسواس- بالكسر-، والمراد به هنا: الوصف. من باب إطلاق اسم المصدر على الفاعل، أو هو وصف مثل:الثرثار.و «الخناس» صيغة مبالغة من الخنوس، وهو الرجوع والتأخر، والمراد به: الذي يلقى في نفس الإنسان أحاديث السوء.

تفسير البغوي (الحسين بن مسعود البغوي أبو محمد)

"من شر الوسواس الخناس"يعني الشيطان ، يكون مصدرا واسما .قال الزجاج : يعني : الشيطان ذا الوسواس " الخناس " الرجاع ، وهو الشيطان جاثم على قلب الإنسان ، فإذا ذكر الله خنس وإذا غفل وسوس .وقال قتادة : الخناس له خرطوم كخرطوم الكلب في صدر الإنسان فإذا ذكر العبد ربه خنس . ويقال : رأسه كرأس الحية واضع رأسه على ثمرة القلب يمنيه ويحدثه ، فإذا ذكر الله خنس وإذا لم يذكر رجع فوضع رأسه

تفسير القرطبي (أبو عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي)

قوله تعالى : من شر الوسواس الخناسيعني : من شر الشيطان . والمعنى : من شر ذي الوسواس ؛ فحذف المضاف ؛ قاله الفراء : وهو ( بفتح الواو ) بمعنى الاسم ؛ أي الموسوس . و ( بكسر الواو ) المصدر ؛ يعني الوسوسة . وكذا الزلزال والزلزال . والوسوسة : حديث النفس . يقال : وسوست إليهم نفسه وسوسة ووسوسة ( بكسر الواو ) . ويقال لهمس الصائد والكلاب وأصوات الحلي : وسواس . وقال ذو الرمة :فبات يشئزه ثأد ويسهره تذوب الريح والوسواس والهضبوقال الأعشى :تسمع للحلي وسواسا إذا انصرفت كما استعان بريح عشرق زجلوقيل : إن الوسواس الخناس ابن لإبليس ، جاء به إلى حواء ، ووضعه بين يديها وقال : اكفليه . فجاء آدم - عليه السلام - فقال : ما هذا يا حواء ؟ قالت : جاء عدونا بهذا وقال لي : اكفليه . فقال : ألم أقل لك لا تطيعيه في شيء ، هو الذي غرنا حتى وقعنا في المعصية ؟ وعمد إلى الولد فقطعه أربعة أرباع ، وعلق كل ربع على شجرة ، غيظا له ؛ فجاء إبليس فقال : يا حواء ، أين ابني ؟ فأخبرته بما صنع به آدم - عليه السلام - فقال : يا خناس ، فحيي فأجابه . فجاء به إلى حواء وقال : اكفليه ؛ فجاء آدم - عليه السلام - فحرقه بالنار ، وذر رماده في البحر ؛ فجاء إبليس عليه اللعنة فقال : يا حواء ، أين ابني ؟ فأخبرته بفعل آدم إياه ؛ فذهب إلى البحر ، فقال : يا خناس ، فحيي فأجابه . فجاء به إلى حواء الثالثة ، وقال : اكفليه . فنظر إليه آدم ، فذبحه وشواه ، وأكلاه جميعا . فجاء إبليس فسألها فأخبرته حواء . فقال : يا خناس ، فحيي فأجابه فجاء به من جوف آدم وحواء . فقال إبليس : هذا الذي أردت ، وهذا مسكنك في صدر ولد آدم ؛ فهو ملتقم قلب آدم ما دام غافلا يوسوس ، فإذا ذكر الله لفظ قلبه وانخنس . ذكر هذا الخبر الترمذي الحكيم في نوادر الأصول بإسناد عن وهب بن منبه . وما أظنه يصح ، والله تعالى أعلم .ووصف بالخناس لأنه كثير الاختفاء ؛ ومنه قول الله تعالى : فلا أقسم بالخنس يعني النجوم ، لاختفائها بعد ظهورها . وقيل : لأنه يخنس إذا ذكر العبد الله ؛ أي يتأخر . وفي الخبر " إن الشيطان جاثم على قلب ابن آدم ، فإذا غفل وسوس ، وإذا ذكر الله خنس " أي تأخر وأقصر . وقال قتادة : الخناس الشيطان له خرطوم كخرطوم الكلب في صدر الإنسان ، فإذا غفل الإنسان وسوس له ، وإذا ذكر العبد ربه خنس . يقال : خنسته فخنس ؛ أي أخرته فتأخر . وأخنسته أيضا . ومنه قول أبي العلاء الحضرمي - أنشد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :وإن دحسوا بالشر فاعف تكرما وإن خنسوا عنك الحديث فلا تسلالدحس : الإفساد . وعن أنس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : إن الشيطان واضع خطمه على قلب ابن آدم ، فإذا ذكر الله خنس ، وإذا نسي الله التقم قلبه فوسوس . وقال ابن عباس : إذا ذكر الله العبد خنس من قلبه فذهب ، وإذا غفل التقم قلبه فحدثه ومناه . وقال إبراهيم التيمي : أول ما يبدو الوسواس من قبل الوضوء . وقيل : سمي خناسا لأنه يرجع إذا غفل العبد عن ذكر الله . والخنس : الرجوع . وقال الراجز :وصاحب يمتعس امتعاسا يزداد إن حييته خناساوقد روى ابن جبير عن ابن عباس في قوله تعالى : الوسواس الخناس وجهين : أحدهما : أنه الراجع بالوسوسة عن الهدى . الثاني : أنه الخارج بالوسوسة من اليقين .
ex