سورة المؤمنون : الآية 11

تفسير الآية 11 سورة المؤمنون

ٱلَّذِينَ يَرِثُونَ ٱلْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَٰلِدُونَ

التفسير الميسر (نخبة من العلماء)

الذين يرثون أعلى منازل الجنة وأوسطها، هم فيها خالدون، لا ينقطع نعيمهم ولا يزول.

تفسير الجلالين (جلال الدين المحلي و السيوطي)

«الذين يرثون الفردوس» هو جنة أعلى الجنان «هم فيها خالدون» في ذلك إشارة إلى المعاد ويناسبه ذكر المبتدأ بعده.

تفسير السعدي (عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله السعدي التميمي مفسر)

تفسير الايتين 10 و 11 : أُولَئِكَ الموصوفون بتلك الصفات هم الْوَارِثُونَ* الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ الذي هو أعلى الجنة ووسطها وأفضلها، لأنهم حلوا من صفات الخير أعلاها وذروتها، أو المراد بذلك جميع الجنة، ليدخل بذلك عموم المؤمنين، على درجاتهم و مراتبهم كل بحسب حاله، هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ لا يظعنون عنها، ولا يبغون عنها حولا لاشتمالها على أكمل النعيم وأفضله وأتمه، من غير مكدر ولا منغص.

تفسير ابن كثير (عماد الدين أبي الفداء إسماعيل بن كثير القرشي)

ولما وصفهم [ الله ] تعالى بالقيام بهذه الصفات الحميدة والأفعال الرشيدة قال : ( أولئك هم الوارثون الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون )وثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إذا سألتم الله الجنة فاسألوه الفردوس ، فإنه أعلى الجنة وأوسط الجنة ، ومنه تفجر أنهار الجنة ، وفوقه عرش الرحمن " .وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أحمد بن سنان ، حدثنا أبو معاوية ، حدثنا الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما منكم من أحد إلا وله منزلان : منزل في الجنة ومنزل في النار ، فإن مات فدخل النار ورث أهل الجنة منزله ، فذلك قوله : ( أولئك هم الوارثون ) .وقال ابن جريج ، عن ليث ، عن مجاهد : ( أولئك هم الوارثون ) قال : ما من عبد إلا وله منزلان : منزل في الجنة ، ومنزل في النار ، فأما المؤمن فيبنى بيته الذي في الجنة ، ويهدم بيته الذي في النار ، وأما الكافر فيهدم بيته الذي في الجنة ، ويبنى بيته الذي في النار . وروي عن سعيد بن جبير نحو ذلك .فالمؤمنون يرثون منازل الكفار ; لأنهم [ كلهم ] خلقوا لعبادة الله تعالى ، فلما قام هؤلاء المؤمنون بما وجب عليهم من العبادة ، وترك أولئك ما أمروا به مما خلقوا له أحرز هؤلاء نصيب أولئك لو كانوا أطاعوا ربهم عز وجل ، بل أبلغ من هذا أيضا ، وهو ما ثبت في صحيح مسلم ، عن أبي بردة ، عن أبيه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " يجيء يوم القيامة ناس من المسلمين بذنوب أمثال الجبال ، فيغفرها الله لهم ، ويضعها على اليهود والنصارى " .وفي لفظ له : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا كان يوم القيامة دفع الله لكل مسلم يهوديا أو نصرانيا ، فيقال : هذا فكاكك من النار " . فاستحلف عمر بن عبد العزيز أبا بردة بالله الذي لا إله إلا هو ، ثلاث مرات ، أن أباه حدثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : فحلف له . قلت : وهذه الآية كقوله تعالى : ( تلك الجنة التي نورث من عبادنا من كان تقيا ) [ مريم : 63 ] ، وكقوله : ( وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون ) [ الزخرف : 73 ] . وقد قال مجاهد ، وسعيد بن جبير : الجنة بالرومية هي الفردوس .وقال بعض السلف : لا يسمى البستان فردوسا إلا إذا كان فيه عنب ، فالله أعلم .

تفسير الوسيط لطنطاوي (محمد سيد طنطاوي)

وعبر- سبحانه- عن حلولهم في الجنة بقوله يَرِثُونَ للإشعار بأن هذا النعيم الذي نزلوا به، قد استحقوه بسبب أعمالهم الصالحة، كما يملك الوارث ما ورثه عن غيره. ومن المعروف أن ما يملكه الإنسان عن طريق الميراث يعتبر أقوى أسباب الملك.وشبيه بهذه الآية قوله- تعالى-: وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ .وقوله- سبحانه-: وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ .وحذف مفعول اسم الفاعل الذي هو الْوارِثُونَ لدلالة قوله: الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ عليه.وبذلك نرى الآيات الكريمة قد مدحت المؤمنين الصادقين مدحا عظيما ووعدتهم بالفوز بأعلى الجنات وأفضلها، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.وبعد الحديث عن صفات المؤمنين المفلحين، انتقلت السورة إلى الحديث عن أطوار خلق الإنسان، وأطوار نموه، ونهاية حياته، وبعثه للحساب يوم القيامة، فقال- تعالى-:

تفسير البغوي (الحسين بن مسعود البغوي أبو محمد)

قوله تعالى : ( الذين يرثون الفردوس ) وهو أعلى الجنة قد ذكرناه في سورة الكهف ( هم فيها خالدون ) لا يموتون ولا يخرجون ، وجاء في الحديث : " أن الله تعالى خلق ثلاثة أشياء بيده : خلق آدم بيده ، وكتب التوراة بيده ، وغرس الفردوس بيده ، ثم قال : وعزتي لا يدخلها مدمن خمر ، ولا ديوث " .

تفسير القرطبي (أبو عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي)

والفردوس ربوة الجنة وأوسطها وأفضلها . خرجه الترمذي من حديث الربيع بنت النضر أم حارثة ، وقال : حديث حسن صحيح . وفي حديث مسلم فإذا سألتم الله فسلوه الفردوس فإنه أوسط الجنة وأعلى الجنة ومنه تفجر أنهار الجنة . قال أبو حاتم محمد بن حبان : قوله - صلى الله عليه وسلم - : فإنه أوسط الجنة يريد أن الفردوس في وسط الجنان في العرض وهو أعلى الجنة ، يريد في الارتفاع . وهذا كله يصحح قول أبي هريرة : إن الفردوس جبل الجنة التي تتفجر منه أنهار الجنة . واللفظة فيما قال مجاهد : رومية عربت . وقيل : هي فارسية عربت . وقيل : حبشية ؛ وإن ثبت ذلك فهو وفاق بين اللغات . وقال الضحاك : هو عربي وهو الكرم ؛ والعرب تقول للكروم فراديس . هم فيها خالدون فأنث على معنى الجنة .
ex