سورة الكهف : الآية 76

تفسير الآية 76 سورة الكهف

قَالَ إِن سَأَلْتُكَ عَن شَىْءٍۭ بَعْدَهَا فَلَا تُصَٰحِبْنِى ۖ قَدْ بَلَغْتَ مِن لَّدُنِّى عُذْرًا

التفسير الميسر (نخبة من العلماء)

قال موسى له: إن سألتك عن شيء بعد هذه المرة فاتركني ولا تصاحبني، قد بلغتَ العذر في شأني ولم تقصر؛ حيث أخبرتَني أني لن أستطيع معك صبرًا.

تفسير الجلالين (جلال الدين المحلي و السيوطي)

ولهذا «قال إن سألتك عن شيء بعدها» أي بعد هذه المرة «فلا تصاحبني» لا تتركني أتبعك «قد بلغت من لدني» بالتشديد والتخفيف من قبلي «عذرا» في مفارقتك لي.

تفسير السعدي (عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله السعدي التميمي مفسر)

فقال [له] موسى: إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ ْ بعد هذه المرة فَلَا تُصَاحِبْنِي ْ أي: فأنت معذور بذلك، وبترك صحبتي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا ْ أي: أعذرت مني، ولم تقصر.

تفسير ابن كثير (عماد الدين أبي الفداء إسماعيل بن كثير القرشي)

فلهذا قال له موسى : ( إن سألتك عن شيء بعدها ) أي : إن اعترضت عليك بشيء بعد هذه المرة ( فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذرا ) أي : قد أعذرت إلي مرة بعد مرة .قال ابن جرير : حدثنا عبد الله بن زياد ، حدثنا حجاج بن محمد ، عن حمزة الزيات ، عن أبي إسحاق ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، عن أبي بن كعب قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا ذكر أحدا فدعا له ، بدأ بنفسه ، فقال ذات يوم : " رحمة الله علينا وعلى موسى ، لو لبث مع صاحبه لأبصر العجب ولكنه قال إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذرا "مثقلة.

تفسير الوسيط لطنطاوي (محمد سيد طنطاوي)

ويراجع موسى نفسه. فيجد أنه قد خالف ما اتفق عليه مع الرجل الصالح مرتين، فيبادر بإخبار صاحبه أن يترك له فرصة أخيرة فيقول: إِنْ سَأَلْتُكَ أيها الصديق عَنْ شَيْءٍ بَعْدَها أى: بعد هذه المرة الثانية فَلا تُصاحِبْنِي أى: فلا تجعلني صاحبا أو رفيقا لك، فإنك قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْراً أى: فإنك قد بلغت الغاية التي تكون معذورا بعدها في فراقي، لأنى أكون قد خالفتك مرارا.وهذا الكلام من موسى- عليه السلام- يدلك على اعتذاره الشديد للخضر، وعلى شدة ندمه على ما فرط منه، وعلى الاعتراف له بخطئه.قال القرطبي: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دعا لأحد بدأ بنفسه فقال يوما: «رحمة الله علينا وعلى موسى، لو صبر على صاحبه لرأى العجب، ولكنه قال: إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَها فَلا تُصاحِبْنِي...ثم تسوق لنا السورة الكريمة الحادث الثالث والأخير في تلك القصة الزاخرة بالمفاجآت والعجائب فنقول:

تفسير البغوي (الحسين بن مسعود البغوي أبو محمد)

( قال ) موسى ( إن سألتك عن شيء بعدها ) بعد هذه المرة ( فلا تصاحبني ) وفارقني وقرأ يعقوب : " فلا تصحبني " بغير ألف من الصحبة .( قد بلغت من لدني عذرا ) قرأ أبو جعفر ونافع وأبو بكر " من لدني " خفيفة النون وقرأ الآخرون بتشديدها قال ابن عباس : أي قد أعذرت فيما بيني وبينك .وقيل : حذرتني أني لا أستطيع معك صبرا . وقيل : اتضح لك العذر في مفارقتي .أخبرنا إسماعيل بن عبد القاهر أنبأنا عبد الغافر بن محمد أنبأنا محمد بن عيسى حدثنا إبراهيم بن محمد بن سفيان حدثنا مسلم بن الحجاج حدثنا محمد بن عبد الله القيسي حدثنا المعتمر بن سليمان عن أبيه عن رقية عن أبي إسحاق عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن أبي بن كعب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " رحمة الله علينا وعلى موسى " وكان إذا ذكر أحدا من الأنبياء بدأ بنفسه " لولا أنه عجل لرأى العجب ولكنه أخذته من صاحبه ذمامة قال : ( إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذرا ) فلو صبر لرأى العجب " .

تفسير القرطبي (أبو عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي)

قوله تعالى : فلا تصاحبني كذا قرأ الجمهور ; أي تتابعني . وقرأ الأعرج " تصحبني " بفتح التاء والباء وتشديد النون وقرئ " تصحبني " أي تتبعني وقرأ يعقوب " تصحبني " بضم التاء وكسر الحاء ; ورواها سهل عن أبي عمرو ; قال الكسائي : معناه فلا تتركني أصحبك .قد بلغت من لدني عذرا أي بلغت مبلغا تعذر به في ترك مصاحبتي ، وقرأ الجمهور : من لدني بضم الدال ، إلا أن نافعا وعاصما خففا النون ، فهي " لدن " اتصلت بها ياء المتكلم التي في غلامي وفرسي ، وكسر ما قبل الياء كما كسر في هذه . وقرأ أبو بكر عن عاصم " لدني " بفتح اللام وسكون الدال وتخفيف النون وروي عن عاصم " لدني " بضم اللام وسكون الدال ; قال ابن مجاهد : وهي غلط ; قال أبو علي : هذا التغليط يشبه أن يكون من جهة الرواية ، فأما على قياس العربية فهي صحيحة وقرأ الجمهور عذرا وقرأ عيسى " عذرا " بضم الذال وحكى الداني أن أبيا روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - " عذري " بكسر الراء وياء بعدها .مسألة : أسند الطبري قال : ( كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا دعا لأحد بدأ بنفسه ، فقال يوما : رحمة الله علينا وعلى موسى لو صبر على صاحبه لرأى العجب ولكنه قال فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذرا والذي في صحيح مسلم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : رحمة الله علينا وعلى موسى لولا أنه عجل لرأى العجب ولكنه أخذته من صاحبه ذمامة ولو صبر لرأى العجب قال : وكان إذا ذكر أحدا من الأنبياء بدأ بنفسه : رحمة الله علينا وعلى أخي كذا وفي البخاري عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : يرحم الله موسى لوددنا أنه صبر حتى يقص علينا من أمرهما الذمامة بالذال المعجمة المفتوحة ، وهو بمعنى المذمة بفتح الذال وكسرها ، وهي الرقة والعار من تلك الحرمة : يقال أخذتني منك مذمة ومذمة وذمامة وكأنه استحيا من تكرار مخالفته ، ومما صدر عنه من تغليظ الإنكار .
ex