سورة الإسراء : الآية 84

تفسير الآية 84 سورة الإسراء

قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَىٰ شَاكِلَتِهِۦ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَىٰ سَبِيلًا

التفسير الميسر (نخبة من العلماء)

قل -أيها الرسول- للناس: كل واحد منكم يعمل على ما يليق به من الأحوال، فربكم أعلم بمن هو أهدى طريقًا إلى الحق.

تفسير الجلالين (جلال الدين المحلي و السيوطي)

«قل كل» منا ومنكم «يعمل على شاكلته» طريقته «فربكم أعلم بمن هو أهدى سبيلاً» طريقا فيثيبه.

تفسير السعدي (عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله السعدي التميمي مفسر)

أي: قُلْ كُلٌّ من الناس يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ أي: على ما يليق به من الأحوال، إن كان من الصفوة الأبرار، لم يشاكلهم إلا عملهم لرب العالمين. ومن كان من غيرهم من المخذولين، لم يناسبهم إلا العمل للمخلوقين، ولم يوافقهم إلا ما وافق أغراضهم. فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَى سَبِيلًا فيعلم من يصلح للهداية، فيهديه ومن لا يصلح لها فيخذله ولا يهديه.

تفسير ابن كثير (عماد الدين أبي الفداء إسماعيل بن كثير القرشي)

وقوله تعالى : ( قل كل يعمل على شاكلته ) قال ابن عباس : على ناحيته . وقال مجاهد : على حدته وطبيعته . وقال قتادة : على نيته . وقال ابن زيد : دينه .وكل هذه الأقوال متقاربة في المعنى . وهذه الآية - والله أعلم - تهديد للمشركين ووعيد لهم ، كقوله تعالى : ( وقل للذين لا يؤمنون اعملوا على مكانتكم إنا عاملون وانتظروا إنا منتظرون ) [ هود : 121 ، 122 ] ولهذا قال : ( قل كل يعمل على شاكلته فربكم أعلم بمن هو أهدى سبيلا ) أي : منا ومنكم ، وسيجزي كل عامل بعمله ، فإنه لا تخفى عليه خافية .

تفسير الوسيط لطنطاوي (محمد سيد طنطاوي)

ثم بين- سبحانه- أنه لا يخفى عليه شيء من أحوال الناس وأعمالهم فقال: قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدى سَبِيلًا.والتنوين في قوله كُلٌّ عوض عن المضاف إليه. أى: كل فرد.وقوله: شاكِلَتِهِ: أى: طريقته ومذهبه الذي يشاكل ويناسب حاله في الهداية أو الضلالة. مأخوذ من قولهم: طريق ذو شواكل، وهي الطرق التي تتشعب منه وتتشابه معه في الشكل، فسميت عادة المرء بها، لأنها تشاكل حاله.قال القرطبي قوله قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ قال ابن عباس: على ناحيته. وقال مجاهد: على طبيعته.وقال قتادة: على نيته وقال ابن زيد: على دينه. وقال الفراء: على طريقته ومذهبه الذي جبل عليه..وقيل: هو مأخوذ من الشكل. يقال: لست على شكلي ولا شاكلتى. فالشكل: هو المثل والنظير، كقوله- تعالى-: وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْواجٌ.والشكل- بكسر الشين- الهيئة. يقال: جارية حسنة الشكل. أى الهيئة. وهذه الأقوال كلها متقاربة .والمعنى: قل- أيها الرسول الكريم- للناس: كل واحد منكم- أيها الناس- يعمل على شاكلته وطريقته التي تشاكل حاله، وتناسب اتجاهه، وتتلاءم مع سلوكه وعقيدته، فربكم الذي خلقكم وتعهدكم بالرعاية، أعلم بمن هو أهدى سبيلا، وأقوم طريقا، وسيجازى- سبحانه- الذين أساءوا بما عملوا ويجازى الذين أحسنوا بالحسنى.فالآية الكريمة تبشر أصحاب النفوس الطاهرة والأعمال الصالحة، بالعاقبة الحميدة، وتهدد المنحرفين عن طريق الحق، المتبعين لخطوات الشيطان، بسوء المصير، لأن الله- تعالى- لا تخفى عليه خافية، وسيجازى كل إنسان بما يستحقه فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ، وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ.ثم ذكر- سبحانه- بعد ذلك جانبا من الأسئلة التي كانت توجه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، كما ذكر الإجابة عليها لكي يجابه النبي صلى الله عليه وسلم بها السائلين، فقال- تعالى-:

تفسير البغوي (الحسين بن مسعود البغوي أبو محمد)

قوله عز وجل : ( قل كل يعمل على شاكلته ) قال ابن عباس : على ناحيته .قال الحسن وقتادة على نيته .وقال مقاتل : على خليقته .قال الفراء على طريقته التي جبل عليها .وقال القتيبي : على طبيعته وجبلته .وقيل : على السبيل الذي اختاره لنفسه وهو من الشكل يقال : لست على شكلي ولا شاكلتي وكلها متقاربة تقول العرب : طريق ذو شواكل إذا تشعبت منه الطرق . ومجاز الآية : كل يعمل على ما يشبهه كما يقال في المثل : كل امرئ يشبهه فعله .( فربكم أعلم بمن هو أهدى سبيلا ) أوضح طريقا .

تفسير القرطبي (أبو عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي)

قوله تعالى : قل كل يعمل على شاكلته فربكم أعلم بمن هو أهدى سبيلا قوله تعالى : قل كل يعمل على شاكلته قال ابن عباس : ناحيته . وقاله الضحاك . مجاهد : طبيعته . وعنه : حدته . ابن زيد : على دينه . الحسن وقتادة : نيته . مقاتل : جبلته . الفراء : على طريقته ومذهبه الذي جبل عليه . وقيل . قل كل يعمل على ما هو أشكل عنده وأولى بالصواب في اعتقاده . وقيل : هو مأخوذ من الشكل ; يقال : لست على شكلي ولا شاكلتي . قال الشاعر :كل امرئ يشبهه فعله ما يفعل المرء فهو أهلهفالشكل هو المثل والنظير والضرب . كقوله - تعالى - : وآخر من شكله أزواج . الشكل ( بكسر الشين ) : الهيئة . يقال : جارية حسنة الشكل . وهذه الأقوال كلها متقاربة . والمعنى : أن كل أحد يعمل على ما يشاكل أصله وأخلاقه التي ألفها ، وهذا ذم للكافر ومدح للمؤمن . والآية والتي قبلها نزلتا في الوليد بن المغيرة ; ذكره المهدوي .فربكم أعلم بمن هو أهدى سبيلا أي بالمؤمن والكافر وما سيحصل من كل واحد منهم . وقيل : أهدى سبيلا أي أسرع قبولا . وقيل : أحسن دينا . وحكي أن الصحابة رضوان الله عليهم تذاكروا القرآن فقال أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - : قرأت القرآن من أوله إلى آخره فلم أر فيه آية أرجى وأحسن من قوله - تعالى - : بسم الله الرحمن الرحيم حم تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول قدم غفران الذنوب على قبول التوبة ، وفي هذا إشارة للمؤمنين . وقال عثمان بن عفان - رضي الله عنه - : قرأت جميع القرآن من أوله إلى آخره فلم أر آية أحسن وأرجى من قوله - تعالى - : نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم . وقال علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - : قرأت القرآن من أوله إلى آخره فلم أر آية أحسن وأرجى من قوله - تعالى - : قل ياعبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم .قلت : وقرأت القرآن من أوله إلى آخره فلم أر آية أحسن وأرجى من قوله - تعالى - : الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون .
ex