سورة الإسراء : الآية 77

تفسير الآية 77 سورة الإسراء

سُنَّةَ مَن قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِن رُّسُلِنَا ۖ وَلَا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلًا

التفسير الميسر (نخبة من العلماء)

تلك سنة الله تعالى في إهلاك الأمة التي تُخرج رسولها من بينها، ولن تجد -أيها الرسول- لسنتنا تغييرًا، فلا خلف في وعدنا.

تفسير الجلالين (جلال الدين المحلي و السيوطي)

«سنّة من قد أرسلنا قبلك من رسلنا» أي كسنتنا فيهم من إهلاك من أخرجهم «ولا تجد لسنتنا تحويلاً» تبديلاً.

تفسير السعدي (عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله السعدي التميمي مفسر)

تفسير الآيتين 76 و77 : وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا أي: من بغضهم لمقامك بين أظهرهم، قد كادوا أن يخرجوك من الأرض، ويجلوك منها.ولو فعلوا ذلك، لم يلبثوا بعدك فيها إلا قليلا، حتى تحل بهم العقوبة، كما هي سنة الله التي لا تحول ولا تبدل في جميع الأمم، كل أمة كذبت رسولها وأخرجته، عاجلها الله بالعقوبة.ولما مكر به الذين كفروا وأخرجوه، لم يلبثوا إلا قليلا، حتى أوقع الله بهم ب " بدر " وقتل صناديدهم، وفض بيضتهم، فله الحمد.وفي هذه الآيات، دليل على شدة افتقار العبد إلى تثبيت الله إياه، وأنه ينبغي له أن لا يزال متملقًا لربه، أن يثبته على الإيمان، ساعيا في كل سبب موصل إلى ذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم وهو أكمل الخلق، قال الله له: وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا فكيف بغيره؟" وفيها تذكير الله لرسوله منته عليه، وعصمته من الشر، فدل ذلك على أن الله يحب من عباده أن يتفطنوا لإنعامه عليهم -عند وجود أسباب الشر - بالعصمة منه، والثبات على الإيمان.وفيها: أنه بحسب علو مرتبة العبد، وتواتر النعم عليه من الله يعظم إثمه، ويتضاعف جرمه، إذا فعل ما يلام عليه، لأن الله ذكر رسوله لو فعل - وحاشاه من ذلك - بقوله: إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا وفيها: أن الله إذا أراد إهلاك أمة، تضاعف جرمها، وعظم وكبر، فيحق عليها القول من الله فيوقع بها العقاب، كما هي سنته في الأمم إذا أخرجوا رسولهم.

تفسير ابن كثير (عماد الدين أبي الفداء إسماعيل بن كثير القرشي)

( سنة من قد أرسلنا قبلك من رسلنا ) أي : هكذا عادتنا في الذين كفروا برسلنا وآذوهم : يخرج الرسول من بين أظهرهم : ويأتيهم العذاب . ولولا أنه عليه [ الصلاة و ] السلام رسول الرحمة ، لجاءهم من النقم في الدنيا ما لا قبل لأحد به ؛ ولهذا قال تعالى : ( وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون ) [ الأنفال : 33 ] .

تفسير الوسيط لطنطاوي (محمد سيد طنطاوي)

ثم بين- سبحانه- أن نصرة رسله سنة من سننه التي لا تتخلف فقال: سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنا، وَلا تَجِدُ لِسُنَّتِنا تَحْوِيلًا.ولفظ سُنَّةَ منصوب على أنه مصدر مؤكد، أى: سن الله ما قصه عليك سنة، وهذه السنة هي أننا لا نترك بدون عقاب أمة أخرجت رسولها من أرضه، وقد فعلنا ذلك مع الأقوام السابقين الذين أخرجوا أنبياءهم من ديارهم ولا تجد- أيها الرسول الكريم- لسنتنا وطريقتنا تحويلا أو تبديلا، ولولا أننا قد منعنا عن قومك عذاب الاستئصال لوجودك فيهم، لأهلكناهم بسبب إيذائهم لك، وتطاولهم عليك.قال- تعالى-: وَما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ....وبذلك نرى الآيات الكريمة قد حكت لنا جانبا من المسالك الخبيثة التي اتبعها المشركون مع النبي صلى الله عليه وسلم كما حكت لنا ألوانا من فضل الله- تعالى- على نبيه صلى الله عليه وسلم حيث عصمه من أى ركون إليهم ووعده بالنصر عليهم.ثم أرشد الله- تعالى- رسوله صلى الله عليه وسلم إلى ما يعينه على التغلب على كيد المشركين، وإلى ما يزيده رفعة في الدرجة، وبشره بأن ما معه من حق، سيزهق ما مع أعدائه من باطل فقال- تعالى-:وهكذا حقق الله- تعالى- وعده لنبيه صلى الله عليه وسلم وأنزل وعيده بأعدائه.قال الإمام الرازي ما ملخصه: وفي نظم هذه الآيات مع ما قبلها وجوه، الأول: أنه- تعالى- لما قرر الإلهيات والمعاد والنبوات، أردفها بذكر الأمر بالطاعات. وأشرف الطاعات. بعد الإيمان الصلاة فلهذا أمر بها.الثاني: أنه- تعالى- لما قال: وَإِنْ كادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْها.أمره- تعالى- بالإقبال على عبادته لكي ينصره عليهم.. كما قال- تعالى-: وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِما يَقُولُونَ. فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ. وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ....

تفسير البغوي (الحسين بن مسعود البغوي أبو محمد)

قوله عز وجل : ( سنة من قد أرسلنا قبلك من رسلنا ) أي : كسنتنا فانتصب بحذف الكاف وسنة الله في الرسل إذا كذبتهم الأمم أن لا يعذبهم ما دام نبيهم بين أظهرهم فإذا خرج نبيهم من بين أظهرهم عذبهم .( ولا تجد لسنتنا تحويلا ) أي تبديلا .

تفسير القرطبي (أبو عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي)

قوله تعالى : سنة من قد أرسلنا قبلك من رسلنا ولا تجد لسنتنا تحويلا قوله تعالى : سنة من قد أرسلنا قبلك من رسلنا أي يعذبون كسنة من قد أرسلنا ; فهو نصب بإضمار يعذبون ; فلما سقط الخافض عمل الفعل ; قاله الفراء . وقيل : انتصب على معنى سننا سنة من قد أرسلنا . وقيل : هو منصوب على تقدير حذف الكاف : التقدير لا يلبثون خلفك إلا قليلا كسنة من قد أرسلنا ; فلا يوقف على هذا التقدير على قوله : إلا قليلا ويوقف على الأول والثاني . قبلك من رسلنا وقف حسن .ولا تجد لسنتنا تحويلا أي لا خلف في وعدها .
ex