سورة الإسراء : الآية 56

تفسير الآية 56 سورة الإسراء

قُلِ ٱدْعُوا۟ ٱلَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِهِۦ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ ٱلضُّرِّ عَنكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا

التفسير الميسر (نخبة من العلماء)

قل -أيها الرسول- لمشركي قومك: إن هذه المعبودات التي تنادونها لكشف الضرِّ عنكم لا تملك ذلك، ولا تقدر على تحويله عنكم إلى غيركم، ولا تقدر على تحويله من حال إلى حال، فالقادر على ذلك هو الله وحده. وهذه الآية عامة في كل ما يُدْعى من دون الله، ميتًا كان أو غائبًا، من الأنبياء والصالحين وغيرهم، بلفظ الاستغاثة أو الدعاء أو غيرهما، فلا معبود بحق إلا الله.

تفسير الجلالين (جلال الدين المحلي و السيوطي)

«قل» لهم «ادعوا الذين زعمتم» أنهم آلهة «من دونه» كالملائكة وعيسى وعزير «فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا» له إلى غيركم.

تفسير السعدي (عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله السعدي التميمي مفسر)

يقول تعالى: قُلْ للمشركين بالله الذين اتخذوا من دونه أندادا يعبدونهم كما يعبدون الله ويدعونهم كما يدعونه ملزما لهم بتصحيح ما زعموه واعتقدوه إن كانوا صادقين: ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ آلهة من دون الله فانظروا هل ينفعونكم أو يدفعون عنكم الضر، فإنهم لا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ من مرض أو فقر أو شدة ونحو ذلك فلا يدفعونه بالكلية، وَلَا يملكون أيضا تحويله من شخص إلى آخر من شدة إلى ما دونها.فإذا كانوا بهذه الصفة فلأي شيء تدعونهم من دون الله؟ فإنهم لا كمال لهم ولا فعال نافعة، فاتخاذهم آلهة نقص في الدين والعقل وسفه في الرأي.ومن العجب أن السفه عند الاعتياد والممارسة وتلقيه عن الآباء الضالين بالقبول يراه صاحبه هو الرأي: السديد والعقل المفيد.ويرى إخلاص الدين لله الواحد الأحد الكامل المنعم بجميع النعم الظاهرة والباطنة هو السفه والأمر المتعجب منه كما قال المشركون: أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشيء عجاب

تفسير ابن كثير (عماد الدين أبي الفداء إسماعيل بن كثير القرشي)

يقول تعالى : ( قل ) يا محمد لهؤلاء المشركين الذين عبدوا غير الله ( ادعوا الذين زعمتم من دونه ) من الأصنام والأنداد فارغبوا إليهم فإنهم " لا يملكون كشف الضر عنكم أي بالكلية ، ( ولا تحويلا ) أي أن يحولوه إلى غيركموالمعنى أن الذي يقدر على ذلك هو الله وحده لا شريك له الذي له الخلق والأمرقال العوفي عن ابن عباس في قوله : ( قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا ) قال كان أهل الشرك يقولون نعبد الملائكة والمسيح وعزيرا وهم الذين يدعون يعني الملائكة والمسيح وعزيرا

تفسير الوسيط لطنطاوي (محمد سيد طنطاوي)

أورد المفسرون في سبب نزول هاتين الآيتين روايات منها:قال ابن كثير: قال العوفى عن ابن عباس في قوله: قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ....قال: كان أهل الشرك يقولون نعبد الملائكة والمسيح وعزيرا.وروى البخاري وغيره عن ابن مسعود في قوله: أُولئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ قال: كان ناس من الإنس يعبدون ناسا من الجن، فأسلم الجن وتمسك هؤلاء- أى الإنس- بدينهم..فنزلت هذه الآية .وقال القرطبي: لما ابتليت قريش بالقحط، وشكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنزل الله هذه الآية: قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ ... .والمراد بالزعم هنا: الظن الكاذب الذي لا أساس له من الحقيقة والواقع.قال الآلوسى ما ملخصه: والزعم قريب من الظن، ويقال إنه القول المشكوك فيه، ويستعمل بمعنى الكذب، حتى قال ابن عباس: كل ما ورد في القرآن زعم فهو كذب.وقد يطلق على القول المحقق، والصدق الذي لا شك فيه ... فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «زعم جبريل كذا ... » .وهو مما يتعدى إلى مفعولين، وقد حذفا هنا، أى: زعمتموهم آلهة.. والظاهر أن المراد من الموصول- الذين- كل من عبد من دون الله من العقلاء» .والمعنى: قل- أيها الرسول الكريم- لهؤلاء الكافرين الذين أشركوا مع الله- تعالى- آلهة أخرى في العبادة. قل لهم على سبيل الإرشاد والتحدي: هذه الآلهة التي تعبدونها، اطلبوا منها أن تدفع عنكم ما نزل بكم من ضر كمرض أو فقر أو قحط أو أن تحوله منكم إلى غيركم ...فإذا لم تستطع ذلك- وهي بكل تأكيد لا تستطيع ولن تستطيع- فاتركوا عبادتها، وأخلصوا العبادة والطاعة لمن هو على كل شيء قدير، وهو الله- عز وجل-.واكتفى- سبحانه- بذكر كشف الضر، لأنه هو الذي تتطلع إليه النفوس عند نزول المصائب، أكثر من تطلعها إلى جلب النفع، إذ عند نزول الضر، لا تشتغل الألسنة والقلوب إلا برجاء كشفه.

تفسير البغوي (الحسين بن مسعود البغوي أبو محمد)

قوله عز وجل : ( قل ادعوا الذين زعمتم من دونه ( وذلك أن المشركين أصابهم قحط شديد حتى أكلوا الكلاب والجيف فاستغاثوا بالنبي صلى الله عليه وسلم ليدعو لهم قال الله تعالى : ( قل ( للمشركين ( ادعوا الذين زعمتم من دونه ( أنها آلهة ( فلا يملكون كشف الضر ( القحط والجوع ( عنكم ولا تحويلا ( إلى غيركم أو تحويل الحال من العسر إلى اليسر.

تفسير القرطبي (أبو عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي)

قوله تعالى : قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا قوله تعالى : قل ادعوا الذين زعمتم من دونه لما ابتليت قريش بالقحط وشكوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنزل الله هذه الآية ; أي ادعوا الذين تعبدون من دون الله وزعمتم أنهم آلهة . وقال الحسن : يعني الملائكة وعيسى وعزيرا . ابن مسعود : يعني الجنفلا يملكون كشف الضر عنكم أي القحط سبع سنين ، على قول مقاتل .ولا تحويلا من الفقر إلى الغنى ومن السقم إلى الصحة .
ex