سورة الانسان : الآية 13

تفسير الآية 13 سورة الانسان

مُّتَّكِـِٔينَ فِيهَا عَلَى ٱلْأَرَآئِكِ ۖ لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا

التفسير الميسر (نخبة من العلماء)

فوقاهم الله من شدائد ذلك اليوم، وأعطاهم حسنًا ونورًا في وجوههم، وبهجة وفرحًا في قلوبهم، وأثابهم بصبرهم في الدنيا على الطاعة جنة عظيمة يأكلون منها ما شاؤوا، ويَلْبَسون فيها الحرير الناعم، متكئين فيها على الأسرَّة المزينة بفاخر الثياب والستور، لا يرون فيها حر شمس ولا شدة برد، وقريبة منهم أشجار الجنة مظللة عليهم، وسُهِّل لهم أَخْذُ ثمارها تسهيلا.

تفسير الجلالين (جلال الدين المحلي و السيوطي)

«متكئين» حال من مرفوع أدخلوها المقدر «فيها على الأرائك» السرر في الحجال «لا يروْن» لا يجدون حال ثانية «فيها شمسا ولا زمهريرا» لا حرا ولا بردا وقيل الزمهرير القمر فهي مضيئة من غير شمس ولا قمر.

تفسير السعدي (عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله السعدي التميمي مفسر)

مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ الاتكاء: التمكن من الجلوس، في حال الرفاهية والطمأنينة [الراحة]، والأرائك هي السرر التي عليها اللباس المزين، لَا يَرَوْنَ فِيهَا أي: في الجنة شَمْسًا يضرهم حرها وَلَا زَمْهَرِيرًا أي: بردا شديدا، بل جميع أوقاتهم في ظل ظليل، لا حر ولا برد، بحيث تلتذ به الأجساد، ولا تتألم من حر ولا برد.

تفسير ابن كثير (عماد الدين أبي الفداء إسماعيل بن كثير القرشي)

يخبر تعالى عن أهل الجنة وما هم فيه من النعيم المقيم ، وما أسبغ عليهم من الفضل العميم ، فقال : ( متكئين فيها على الأرائك ) وقد تقدم الكلام على ذلك في سورة " الصافات " ، وذكر الخلاف في الاتكاء : هل هو الاضطجاع ، أو التمرفق ، أو التربع أو التمكن في الجلوس ؟ وأن الأرائك هي السرر تحت الحجال .وقوله : ( لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا ) أي : ليس عندهم حر مزعج ، ولا برد مؤلم ، بل هي مزاج واحد دائم سرمدي ، ( لا يبغون عنها حولا ) [ الكهف : 108 ] .

تفسير الوسيط لطنطاوي (محمد سيد طنطاوي)

مُتَّكِئِينَ فِيها أى: في الجنة عَلَى الْأَرائِكِ أى: على السرر، أو على ما يتكأ عليه من سرير أو فراش ونحوه.لا يَرَوْنَ فِيها شَمْساً وَلا زَمْهَرِيراً أى: لا يرون فيها شمسا شديدة الحرارة بحيث تؤذيهم أو تضرهم، ولا يرون فيها كذلك زَمْهَرِيراً أى: بردا مفرطا، يقال: زمهر اليوم، إذا اشتد برده.والمقصود من الآية الكريمة أنهم لا يرون في الجنة إلا جوا معتدلا، لا هو بالحار ولا هو بالبارد.

تفسير البغوي (الحسين بن مسعود البغوي أبو محمد)

"متكئين"، نصب على الحال، "فيها" في الجنة، "على الأرائك"، السرر في الحجال، ولا تكون أريكة إلا إذا اجتمعا، "لا يرون فيها شمساً ولا زمهريراً"، أي صيفاً ولا شتاء. قال مقاتل: يعني شمساً يؤذيهم حرها ولا زمهريراً يؤذيهم برده، لأنهما يؤذيان في الدنيا. والزمهرير: البرد الشديد.

تفسير القرطبي (أبو عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي)

قوله تعالى : متكئين فيها أي في الجنة ; ونصب متكئين على الحال من الهاء والميم في جزاهم والعامل فيها جزى ولا يعمل فيها صبروا ; لأن الصبر إنما كان في الدنيا والاتكاء في الآخرة . وقال الفراء . وإن شئت جعلت متكئين تابعا ، كأنه قال جزاهم جنة متكئين فيها .على الأرائك السرر في الحجال وقد تقدم . وجاءت عن العرب أسماء تحتوي على صفات : أحدها الأريكة لا تكون إلا في حجلة على سرير ، ومنها السجل ، وهو الدلو الممتلئ ماء ، فإذا صفرت لم تسم سجلا ، وكذلك الذنوب لا تسمى ذنوبا حتى تملأ ، والكأس لا تسمى كأسا حتى تترع من الخمر . وكذلك الطبق الذي تهدى عليه الهدية مهدى ، فإذا كان فارغا قيل طبق أو خوان ; قال ذو الرمة :خدود جفت في السير حتى كأنما يباشرن بالمعزاء مس الأرائكأي الفرش على السرر .لا يرون فيها شمسا أي لا يرون في الجنة شدة حر كحر الشمس ولا زمهريرا أي ولا بردا مفرطا ; قال الأعشى :منعمة طفلة كالمها ة لم تر شمسا ولا زمهريراوعن أبي صالح عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " اشتكت النار إلى ربها - عز وجل - قالت : يا رب أكل بعضي بعضا ، فجعل لها نفسين نفسا في الشتاء ونفسا في الصيف ، فشدة ما تجدون من البرد من زمهريرها ، وشدة ما تجدون من الحر في الصيف من سمومها ) . وعن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " إن هواء الجنة سجسج : لا حر ولا برد " والسجسج : الظل الممتد كما بين طلوع الفجر وطلوع الشمس . وقال مرة الهمداني : الزمهرير البرد القاطع . وقال مقاتل بن حيان : هو شيء مثل رؤوس الإبر ينزل من السماء في غاية البرد . وقال ابن مسعود : هو لون من العذاب ، وهو البرد الشديد ، حتى إن أهل النار إذا ألقوا فيه سألوا الله أن يعذبهم بالنار ألف سنة أهون عليهم من عذاب الزمهرير يوما واحدا . قال أبو النجم :أو كنت ريحا كنت زمهريراوقال ثعلب : الزمهرير : القمر بلغة طيئ ; قال شاعرهم :وليلة ظلامها قد اعتكر قطعتها والزمهرير ما زهرويروى : ما ظهر ; أي لم يطلع القمر . فالمعنى لا يرون فيها شمسا كشمس الدنيا ولا قمرا كقمر الدنيا ، أي إنهم في ضياء مستديم ، لا ليل فيه ولا نهار ; لأن ضوء النهار بالشمس ، وضوء الليل بالقمر . وقد مضى هذا المعنى مجودا في سورة ( مريم ) عند قوله تعالى : ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا . وقال ابن عباس : بينما أهل الجنة في الجنة إذ رأوا نورا ظنوه شمسا قد أشرقت بذلك النور الجنة ، فيقولون : قال ربنا : لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا فما هذا النور ؟ فيقول لهم رضوان : ليست هذه شمسا ولا قمرا ، ولكن هذه فاطمة وعلي ضحكا ، فأشرقت الجنان من نور ضحكهما ، وفيهما أنزل الله تعالى : هل أتى على الإنسان وأنشد :أنا مولى لفتى أنزل فيه هل أتىذاك علي المرتضى وابن عم المصطفى
ex