سورة الأعراف : الآية 5

تفسير الآية 5 سورة الأعراف

فَمَا كَانَ دَعْوَىٰهُمْ إِذْ جَآءَهُم بَأْسُنَآ إِلَّآ أَن قَالُوٓا۟ إِنَّا كُنَّا ظَٰلِمِينَ

التفسير الميسر (نخبة من العلماء)

فما كان قولهم عند مجيء العذاب إلا الإقرار بالذنوب والإساءة، وأنهم حقيقون بالعذاب الذي نزل بهم.

تفسير الجلالين (جلال الدين المحلي و السيوطي)

«فما كان دعواهم» قولهم «إذ جاءهم بأسنا إلا أن قالوا إنا كنا ظالمين».

تفسير السعدي (عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله السعدي التميمي مفسر)

فَمَا كَانَ دَعْوَاهُمْ إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا إِلَّا أَنْ قَالُوا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ كما قال تعالى: وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنْشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آخَرِينَ فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ لَا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ فَمَا زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدًا خَامِدِينَ

تفسير ابن كثير (عماد الدين أبي الفداء إسماعيل بن كثير القرشي)

وقوله : ( فما كان دعواهم إذ جاءهم بأسنا إلا أن قالوا إنا كنا ظالمين ) أي : فما كان قولهم عند مجيء العذاب إلا أن اعترفوا بذنوبهم ، وأنهم حقيقون بهذا . كما قال تعالى : ( وكم قصمنا من قرية كانت ظالمة وأنشأنا بعدها قوما آخرين فلما أحسوا بأسنا إذا هم منها يركضون لا تركضوا وارجعوا إلى ما أترفتم فيه ومساكنكم لعلكم تسألون قالوا يا ويلنا إنا كنا ظالمين فما زالت تلك دعواهم حتى جعلناهم حصيدا خامدين ) [ الأنبياء : 11 - 15 ] .وقال ابن جرير : في هذه الآية الدلالة الواضحة على صحة ما جاءت به الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله : " ما هلك قوم حتى يعذروا من أنفسهم " ، حدثنا بذلك ابن حميد ، حدثنا جرير ، عن أبي سنان ، عن عبد الملك بن ميسرة الزراد قال : قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما هلك قوم حتى يعذروا من أنفسهم " قال : قلت لعبد الملك : كيف يكون ذاك؟ قال : فقرأ هذه الآية : ( فما كان دعواهم إذ جاءهم بأسنا إلا أن قالوا إنا كنا ظالمين ) .

تفسير الوسيط لطنطاوي (محمد سيد طنطاوي)

ثم ساق لهم بعد ذلك على سبيل الإنذار والتخويف جانبا من العذاب الذي نزل بمن سبقوهم بسبب ظلمهم وعنادهم فقال- تعالى-:وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها فَجاءَها بَأْسُنا بَياتاً أَوْ هُمْ قائِلُونَ فَما كانَ دَعْواهُمْ إِذْ جاءَهُمْ بَأْسُنا إِلَّا أَنْ قالُوا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ.كم هنا خبرية بمعنى كثر. وهي في محل رفع على الابتداء والجملة بعدها خبرها، ومِنْ قَرْيَةٍ تمييز.والقرية تطلق على مكان اجتماع الناس. وبأسنا: أى عذابنا وعقابنا. وبياتا: أى ليلا ومنه البيت لأنه يبات فيه. يقال: بات يبيت بيتا وبياتا. وقائلون من القائلة وهي القيلولة وهي نوم نصف النهار. وقيل: هي الاستراحة نصف النهار إذا اشتد الحر وإن لم يكن معها نوم.ودعواهم، أى: دعاؤهم واستغاثتهم بربهم أو قولهم.والمعنى: وكثيرا من القرى الظالمة أردنا إهلاكها، فنزل على بعضها عذابنا في وقت نوم أهلها بالليل كما حصل لقوم لوط، ونزل على بعضها في وقت استراحة أهلها بالنهار كما حصل لقوم شعيب، فما كان منهم عند ما باغتهم العذاب في وقت اطمئنانهم وراحتهم إلا أن اعترفوا بذنوبهم وقالوا على سبيل التحسر والندم وطمعا في الخلاص: إنا كنا ظالمين.فهاتان الآيتان الكريمتان توضحان بأجلى بيان أن هلاك الأمم سببه بغيها وفسادها وانحرافها عن الطريق المستقيم، وتلك سنة الله التي لا تختلف في أى زمان أو مكان. وأن الظالمين عند ما يفاجئون بالعقوبة يتحسرون ولا يستطيعون إنكار ما ارتكبوه من جرائم ومنكرات ولكن ذلك لن ينفعهم لأن ندمهم وتحسرهم قد فات وقته، وكان الأجدر بهم أن يتوبوا من ذنوبهم عند ما جاءتهم النذر، وقبل حلول العذاب.ولذا قال ابن كثير: قال ابن جرير: في هذه الآية الدلالة الواضحة في صحة ما جاءت به الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله: «ما هلك قوم حتى يعذروا عن أنفسهم» .وأَوْ في قوله: فَجاءَها بَأْسُنا بَياتاً أَوْ هُمْ قائِلُونَ للتنويع، أى أن بعضهم جاءهم عذابنا ليلا وبعضهم جاءهم نهارا عند استراحتهم. وإنما خص هذان الوقتان بنزول العذاب، لأنهما وقتا غفلة ودعة واستراحة، فيكون نزول العذاب فيهما أشد وأوجع.ومن العبر التي نأخذها من هاتين الآيتين أن العاقل هو الذي يحافظ على أداء الأوامر واجتناب النواهي، ولا يأمن صفو الليالى، ورخاء الأيام، بل يعيش حياته وصلته بربه مبنية على الخوف والرجاء فإنه فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخاسِرُونَ.

تفسير البغوي (الحسين بن مسعود البغوي أبو محمد)

( فما كان دعواهم ) أي : قولهم ودعاؤهم وتضرعهم ، والدعوى تكون بمعنى الادعاء وبمعنى الدعاء ، قال سيبويه : تقول العرب اللهم أشركنا في صالح دعوى المسلمين أي في دعائهم ، ( إذ جاءهم بأسنا ) عذابنا ، ( إلا أن قالوا إنا كنا ظالمين ) معناه لم يقدروا على رد العذاب ، وكان حاصل أمرهم الاعتراف بالجناية حين لا ينفع الاعتراف .

تفسير القرطبي (أبو عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي)

والدعوى الدعاء ; ومنه قول : وآخر دعواهم . وحكى النحويون : اللهم أشركنا في صالح دعوى من دعاك . وقد تكون الدعوى بمعنى الادعاء . والمعنى : أنهم لم يخلصوا عند الإهلاك إلا على الإقرار بأنهم كانوا ظالمين .و دعواهم في موضع نصب خبر كان ، واسمها : إلا أن قالوا . نظيره فما كان جواب قومه إلا أن قالوا ويجوز أن تكون الدعوى رفعا ، و أن قالوا نصبا ; كقوله تعالى : ( ليس البر أن تولوا ) برفع " البر " وقوله : ( ثم كان عاقبة الذين أساءوا السوء أن كذبوا ) برفع " عاقبة " .
ex