سورة الأنفال : الآية 56

تفسير الآية 56 سورة الأنفال

ٱلَّذِينَ عَٰهَدتَّ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِى كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لَا يَتَّقُونَ

التفسير الميسر (نخبة من العلماء)

مِن أولئك الأشرار اليهود الذين دخلوا معك في المعاهدات بأن لا يحاربوك ولا يظاهروا عليك أحدًا، ثم ينقضون عهدهم المرة تلو المرة، وهم لا يخافون الله.

تفسير الجلالين (جلال الدين المحلي و السيوطي)

«الذين عاهدت منهم» ألا يعينوا المشركين «ثم ينقضون عهدهم في كل مرة» عاهدوا فيها «وهم لا يتقون» الله في غدرهم.

تفسير السعدي (عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله السعدي التميمي مفسر)

تفسير الآيات من 55 الى 57 : هؤلاء الذين جمعوا هذه الخصال الثلاث‏:‏ الكفر، وعدم الإيمان، والخيانة، بحيث لا يثبتون على عهد عاهدوه ولا قول قالوه، هم شر الدواب عند الله فهم شر من الحمير والكلاب وغيرها، لأن الخير معدوم منهم، والشر متوقع فيهم ، فإذهاب هؤلاء ومحقهم هو المتعين، لئلا يسري داؤهم لغيرهم، ولهذا قال‏:‏ ‏‏فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ‏‏ أي‏:‏ تجدنهم في حال المحاربة، بحيث لا يكون لهم عهد وميثاق‏.‏ ‏‏فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ‏‏ أي‏:‏ نكل بهم غيرهم، وأوقع بهم من العقوبة ما يصيرون ‏[‏به‏]‏ عبرة لمن بعدهم ‏‏لَعَلَّهُمْ‏‏ أي من خلفهم ‏‏يَذْكُرُونَ‏‏ صنيعهم، لئلا يصيبهم ما أصابهم،وهذه من فوائد العقوبات والحدود المرتبة على المعاصي، أنها سبب لازدجار من لم يعمل المعاصي، بل وزجرا لمن عملها أن لا يعاودها‏.‏ ودل تقييد هذه العقوبة في الحرب أن الكافر ولو كان كثير الخيانة سريع الغدر أنه إذا أُعْطِيَ عهدا لا يجوز خيانته وعقوبته‏

تفسير ابن كثير (عماد الدين أبي الفداء إسماعيل بن كثير القرشي)

الذين كلما عاهدوا عهدا نقضوه وكلما أكدوه بالأيمان نكثوه "وهم لا يتقون" أي لا يخافون من الله في شيء ارتكبوه من الآثام.

تفسير الوسيط لطنطاوي (محمد سيد طنطاوي)

وقوله: الَّذِينَ عاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ.. بدل من الموصول الأول وهو قوله: الَّذِينَ كَفَرُوا.. أو عطف بيان له.أى: إن شر الدواب عند الله الذين أصروا على الكفر ورسخوا فيه، الذين عاهَدْتَ مِنْهُمْ أى: أخذت منهم عهدهم، ثم ينقضون عهدهم في كل مرة دون أن يفوا بعهودهم ولو مرة واحدة من المرات المتعددة.فقوله: عاهَدْتَ مضمن معنى الأخذ، ولذا عدى بمن.قال الآلوسى: قوله: الَّذِينَ عاهَدْتَ مِنْهُمْ.. بدل من الموصول الأول، أو عطف بيان، أو نعت، أو خبر مبتدأ محذوف، أو نصب على الذم، وعائد الموصول قيل: ضمير الجمع المجرور، والمراد: عاهدتهم، ومن للإيذان بأن المعاهدة- التي هي عبارة عن إعطاء العهد وأخذه من الجانبين- معتبرة هنا من حيث أخذه صلى الله عليه وسلم، إذ هو المناط لما نعى عليهم من النقض، لا إعطاؤه- عليه الصلاة والسلام إياهم عهده كأنه قيل: الذين أخذت منهم عهدهم، وقال أبو حيان: تبعيضية، لأن المباشر بعضهم لا كلهم..» .وقوله: ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ معطوف على الصلة.وكان العطف «بثم» المفيدة للتراخي، للإيذان بالتفاوت الشديد بين ما أخذ عليهم من عهود، وبين ما تردوا فيه من نقض لها، واستهانة بها.وجيء بصيغة المضارع يَنْقُضُونَ المفيدة للحال والاستقبال، للدلالة على تعدد النقض وتجدده، وأنهم على نيته في كل مرة يعاهدون فيها غيرهم.وقوله: وَهُمْ لا يَتَّقُونَ في موضع الحال من فاعل يَنْقُضُونَ.أى: أن هؤلاء القوم دأبهم نقض العهود والمواثيق في كل وقت، ومع ذلك فحالهم وشأنهم أنهم لا يشعرون خلال نقضهم للعهود بأى تحرج أو خجل، بل يرتكبون ما يرتكبون من المنكرات دون أن يتقوا عارها، أو يخشوا سوء عاقبتها.

تفسير البغوي (الحسين بن مسعود البغوي أبو محمد)

( الذين عاهدت منهم ) يعني عاهدتهم وقيل : أي : عاهدت معهم . وقيل أدخل " من " لأن معناه : أخذت منهم العهد ، ( ثم ينقضون عهدهم في كل مرة ) وهم بنو قريظة ، نقضوا العهد الذي كان بينهم وبين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وأعانوا المشركين بالسلاح على قتال النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه ، ثم قالوا : نسينا وأخطأنا فعاهدهم الثانية ، فنقضوا العهد ومالئوا الكفار على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الخندق ، وركب كعب بن الأشرف إلى مكة ، فوافقهم على مخالفة النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ( وهم لا يتقون ) لا يخافون الله تعالى في نقض العهد .

تفسير القرطبي (أبو عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي)

ثم وصفهم : الذين عاهدت منهم ثم ينقضون عهدهم في كل مرة وهم لا يتقون أي لا يخافون الانتقام . و " من " في قوله منهم للتبعيض ، لأن العهد إنما يجري مع أشرافهم ثم ينقضونه . والمعني بهم قريظة والنضير ، في قول مجاهد وغيره . نقضوا العهد فأعانوا مشركي مكة بالسلاح ، ثم اعتذروا فقالوا : نسينا ، فعاهدهم عليه السلام ثانية فنقضوا يوم الخندق .
ex