سورة الأنبياء : الآية 32

تفسير الآية 32 سورة الأنبياء

وَجَعَلْنَا ٱلسَّمَآءَ سَقْفًا مَّحْفُوظًا ۖ وَهُمْ عَنْ ءَايَٰتِهَا مُعْرِضُونَ

التفسير الميسر (نخبة من العلماء)

وجعلنا السماء سقفًا للأرض لا يرفعها عماد، وهي محفوظة لا تسقط، ولا تخترقها الشياطين، والكفار عن الاعتبار بآيات السماء (الشمس والقمر والنجوم)، غافلون لاهون عن التفكير فيها.

تفسير الجلالين (جلال الدين المحلي و السيوطي)

«وجلعنا السماء سقفاً» للأرض كالسقف للبيت «محفوظاً» عن الوقوع «وهم عن آياتها» من الشمس والقمر والنجوم «معرضون» لا يتفكرون فيها فيعلمون أن خالقها لا شريك له.

تفسير السعدي (عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله السعدي التميمي مفسر)

أي: ذلك الذي ذكرنا لكم من تعظيم حرماته وشعائره، والمراد بالشعائر: أعلام الدين الظاهرة، ومنها المناسك كلها، كما قال تعالى: إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ ومنها الهدايا والقربان للبيت، وتقدم أن معنى تعظيمها، إجلالها، والقيام بها، وتكميلها على أكمل ما يقدر عليه العبد، ومنها الهدايا، فتعظيمها، باستحسانها واستسمانها، وأن تكون مكملة من كل وجه، فتعظيم شعائر الله صادر من تقوى القلوب، فالمعظم لها يبرهن على تقواه وصحة إيمانه، لأن تعظيمها، تابع لتعظيم الله وإجلاله.

تفسير ابن كثير (عماد الدين أبي الفداء إسماعيل بن كثير القرشي)

وقوله : ( وجعلنا السماء سقفا ) أي : على الأرض وهي كالقبة عليها ، كما قال : ( والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون ) [ الذاريات : 47 ] ، وقال : ( والسماء وما بناها ) [ الشمس : 5 ] ، ( أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها وما لها من فروج ) [ ق : 6 ] ، والبناء هو نصب القبة ، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " بني الإسلام على خمس " أي : خمس دعائم ، وهذا لا يكون إلا في الخيام ، على ما تعهده العرب .( محفوظا ) أي : عاليا محروسا أن ينال . وقال مجاهد : مرفوعا .وقال ابن أبي حاتم : حدثنا علي بن الحسين ، حدثنا أحمد بن عبد الرحمن الدشتكي ، حدثني أبي ، عن أبيه ، عن أشعث - يعني ابن إسحاق القمي - عن جعفر بن أبي المغيرة ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال رجل : يا رسول الله ، ما هذه السماء ، قال : " موج مكفوف عنكم " إسناد غريب .وقوله : ( وهم عن آياتها معرضون ) ، كقوله : ( وكأين من آية في السماوات والأرض يمرون عليها وهم عنها معرضون ) [ يوسف : 105 ] أي : لا يتفكرون فيما خلق الله فيها من الاتساع العظيم ، والارتفاع الباهر ، وما زينت به من الكواكب الثوابت والسيارات في ليلها ، وفي نهارها من هذه الشمس التي تقطع الفلك بكماله ، في يوم وليلة فتسير غاية لا يعلم قدرها إلا الذي قدرها وسخرها وسيرها .وقد ذكر ابن أبي الدنيا ، رحمه الله ، في كتابه " التفكر والاعتبار " : أن بعض عباد بني إسرائيل تعبد ثلاثين سنة ، وكان الرجل منهم إذا تعبد ثلاثين سنة أظلته غمامة ، فلم ير ذلك الرجل شيئا مما كان يرى لغيره ، فشكى ذلك إلى أمه ، فقالت له : يا بني ، فلعلك أذنبت في مدة عبادتك هذه ، فقال : لا والله ما أعلم ، قالت : فلعلك هممت؟ قال : لا ولا هممت . قالت : فلعلك رفعت بصرك إلى السماء ثم رددته بغير فكر؟ فقال : نعم ، كثيرا . قالت : فمن هاهنا أتيت .

تفسير الوسيط لطنطاوي (محمد سيد طنطاوي)

وَجَعَلْنَا السَّماءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً وَهُمْ عَنْ آياتِها مُعْرِضُونَ أى: وجعلنا السماء سقفا للأرض كما يكون السقف للبيت، وجعلناه محفوظا من السقوط ومن التشقق، ومن كل شيطان رجيم. وهم- أى المشركون- عن آياتها الدالة على قدرتنا ووحدانيتنا وعلمنا. معرضون ذاهلون، لا يتعظون ولا يتذكرون.ومن الآيات الدالة على حفظ السماء من السقوط، قوله- تعالى-: ... وَيُمْسِكُ السَّماءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ .ومن الآيات الدالة على حفظها من التشقق والتفطر قوله- سبحانه-: أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّماءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْناها وَزَيَّنَّاها وَما لَها مِنْ فُرُوجٍ. .وعلى حفظها من الشياطين قوله- تعالى-: وَحَفِظْناها مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ رَجِيمٍ .ومن الآيات الدالة على إعراض هؤلاء المشركين عن العبر والعظات قوله- سبحانه-:وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْها وَهُمْ عَنْها مُعْرِضُونَ .

تفسير البغوي (الحسين بن مسعود البغوي أبو محمد)

( وجعلنا السماء سقفا محفوظا ) من أن تسقط ، دليله قوله تعالى : ( ويمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه ) ( الحج : 65 ) ، وقيل : محفوظا من الشياطين بالشهب ، دليله قوله تعالى : ( وحفظناها من كل شيطان رجيم ) ( الحجر : 17 ) ، ( وهم ) يعني الكفار ، ( عن آياتها ) ما خلق الله فيها من الشمس والقمر والنجوم وغيرها ، ( معرضون ) لا يتفكرون فيها ولا يعتبرون بها .

تفسير القرطبي (أبو عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي)

قوله تعالى : وجعلنا السماء سقفا محفوظا أي محفوظا من أن يقع ويسقط على الأرض ؛ دليله قوله تعالى : ويمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه . وقيل : محفوظا بالنجوم من الشياطين ؛ قاله الفراء . دليله قوله تعالى : وحفظناها من كل شيطان رجيم . وقيل : محفوظا من الهدم والنقض ، وعن أن يبلغه أحد بحيلة . وقيل : محفوظا فلا يحتاج إلى عماد . وقال مجاهد : مرفوعا . وقيل : محفوظا من الشرك والمعاصي . وهم يعني الكفار عن آياتها معرضون قال مجاهد يعني الشمس والقمر . وأضاف الآيات إلى السماء لأنها مجعولة فيها ، وقد أضاف الآيات إلى نفسه في مواضع ، لأنه الفاعل لها . بين أن المشركين غفلوا عن النظر في السماوات وآياتها ، من ليلها ونهارها ، وشمسها وقمرها ، وأفلاكها ورياحها وسحابها ، وما فيها من قدرة الله تعالى ، إذ لو نظروا واعتبروا لعلموا أن لها صانعا قادرا فيستحيل أن يكون له شريك .
ex