سورة الأنبياء : الآية 17

تفسير الآية 17 سورة الأنبياء

لَوْ أَرَدْنَآ أَن نَّتَّخِذَ لَهْوًا لَّٱتَّخَذْنَٰهُ مِن لَّدُنَّآ إِن كُنَّا فَٰعِلِينَ

التفسير الميسر (نخبة من العلماء)

لو أردنا أن نتخذ لهوًا من الولد أو الصاحبة لاتخذناه من عندنا لا من عندكم، ما كنا فاعلين ذلك؛ لاستحالة أن يكون لنا ولد أو صاحبة.

تفسير الجلالين (جلال الدين المحلي و السيوطي)

«لو أردنا أن نتخذ لهواً» ما يلهى به من زوجة أو ولد «لاتخذناه من لدنا» من عندنا من الحور العين والملائكة «إن كنا فاعلين» ذلك، لكنا لم نفعله فلم نُرده.

تفسير السعدي (عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله السعدي التميمي مفسر)

لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا ْ على الفرض والتقدير المحال لَاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا ْ أي: من عندنا إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ ْ ولم نطلعكم على ما فيه عبث ولهو، لأن ذلك نقص ومثل سوء، لا نحب أن نريه إياكم، فالسماوات والأرض اللذان بمرأى منكم على الدوام، لا يمكن أن يكون القصد منهما العبث واللهو، كل هذا تنزل مع العقول الصغيرة وإقناعها بجميع الوجوه المقنعة، فسبحان الحليم الرحيم، الحكيم في تنزيله الأشياء منازلها.

تفسير ابن كثير (عماد الدين أبي الفداء إسماعيل بن كثير القرشي)

وقوله تعالى : ( لو أردنا أن نتخذ لهوا لاتخذناه من لدنا إن كنا فاعلين ) قال ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : ( لو أردنا أن نتخذ لهوا لاتخذناه من لدنا ) يعني : من عندنا ، يقول : وما خلقنا جنة ولا نارا ، ولا موتا ، ولا بعثا ، ولا حسابا .وقال الحسن ، وقتادة ، وغيرهما : ( لو أردنا أن نتخذ لهوا ) اللهو : المرأة بلسان أهل اليمن .وقال إبراهيم النخعي : ( لو أردنا أن نتخذ لهوا لاتخذناه ) من الحور العين .وقال عكرمة والسدي : المراد باللهو هاهنا : الولد .وهذا والذي قبله متلازمان ، وهو كقوله تعالى : ( لو أراد الله أن يتخذ ولدا لاصطفى مما يخلق ما يشاء سبحانه ) [ الزمر : 4 ] ، فنزه نفسه عن اتخاذ الولد مطلقا ، لا سيما عما يقولون من الإفك والباطل ، من اتخاذ عيسى ، أو العزير أو الملائكة ، ( سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا ) [ الإسراء : 43 ] .وقوله : ( إن كنا فاعلين ) قال قتادة ، والسدي ، وإبراهيم النخعي ، ومغيرة بن مقسم ، أي : ما كنا فاعلين .وقال مجاهد : كل شيء في القرآن " إن " فهو إنكار .

تفسير الوسيط لطنطاوي (محمد سيد طنطاوي)

وقوله- تعالى-: لَوْ أَرَدْنا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً لَاتَّخَذْناهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فاعِلِينَ استئناف مقرر لمضمون ما قبله، من أن خلق السموات والأرض وما بينهما لم يكن عبثا، وإنما لحكم بالغة، مستتبعة لغايات جليلة، ومنافع عظيمة.و «لو» هنا حرف امتناع لامتناع. أى: امتناع وقوع فعل الجواب لامتناع وقوع فعل الشرط.واللهو: الترويح عن النفس بما لا تقتضيه الحكمة، ولا يتناسب مع الجد، وهو قريب من العبث الباطل تقول: لهوت بهذا الشيء ألهو لهوا، إذا تشاغلت به عن الجد، ويطلقه بعضهم على الولد والزوجة والمرأة.أى: لو أردنا- على سبيل الفرض والتقدير- أن نتخذ ما نتلهى به، لاتخذناه من عندنا ومن جهتنا دون أن يمنعنا أحد مما نريده ولكنا لم نرد ذلك لأنه مستحيل علينا استحالة ذاتية، فيستحيل علينا أن نريده.فالآية الكريمة من باب تعليق المحال على المحال، لأن كلا الأمرين يتنافى مع حكمة الله- تعالى- ومع ذاته الجليلة.وقوله: إِنْ كُنَّا فاعِلِينَ تأكيد لامتناع إرادة اللهو، وأَنْ نافية، أى: ما كنا فاعلين ذلك، لأن اتخاذ اللهو يستحيل علينا.

تفسير البغوي (الحسين بن مسعود البغوي أبو محمد)

( لو أردنا أن نتخذ لهوا ) اختلفوا في اللهو ، قال ابن عباس في رواية عطاء : اللهو المرأة ، وهو قول الحسن وقتادة ، وقال في رواية الكلبي : اللهو الولد ، وهو قول السدي ، وهو في المرأة أظهر لأن الوطء يسمى لهوا في اللغة ، والمرأة محل الوطء ( لاتخذناه من لدنا ) أي : من عندنا من الحور العين لا من عندكم من أهل الأرض . وقيل : معناه لو كان جائزا ذلك في صفته لم يتخذه بحيث يظهر لهم ويستر ذلك حتى لا يطلعوا عليه .وتأويل الآية أن النصارى لما قالوا في المسيح وأمه ما قالوا رد الله عليهم بهذا وقال : ( لاتخذناه من لدنا ) لأنكم تعلمون أن ولد الرجل وزوجته يكونان عنده ، لا عند غيره ( إن كنا فاعلين ) قال قتادة ومقاتل وابن جريج : ( إن ) للنفي ، أي : ما كنا فاعلين . وقيل : ( إن كنا فاعلين ) للشرط أي : إن كنا ممن يفعل ذلك لاتخذناه من لدنا ، ولكنا لم نفعله لأنه لا يليق بالربوبية .

تفسير القرطبي (أبو عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي)

قوله تعالى : لو أردنا أن نتخذ لهوا لما اعتقد قوم أن له ولدا قال : لو أردنا أن نتخذ لهوا واللهو المرأة بلغة اليمن ؛ قاله قتادة . وقال عقبة بن أبي جسرة - وجاء طاوس وعطاء ومجاهد يسألونه عن قوله تعالى : لو أردنا أن نتخذ لهوا - فقال : اللهو الزوجة ؛ وقاله الحسن . وقال ابن عباس : اللهو الولد ؛ وقاله الحسن أيضا . قال الجوهري : وقد يكنى باللهو عن الجماع . قلت : ومنه قول امرئ القيس :ألا زعمت بسباسة اليوم أنني كبرت وألا يحسن اللهو أمثاليوإنما سمي الجماع لهوا لأنه ملهى للقلب ، كما قال زهير بن أبي سلمى :وفيهن ملهى للصديق ومنظرالجوهري : قوله تعالى : لو أردنا أن نتخذ لهوا قالوا امرأة ، ويقال : ولدا . لاتخذناه من لدنا أي من عندنا لا من عندكم . قال ابن جريج : من أهل السماء لا من أهل الأرض . قيل : أراد الرد على من قال إن الأصنام بنات الله ؛ أي كيف يكون منحوتكم ولدا لنا . وقال ابن قتيبة : الآية رد على النصارى . إن كنا فاعلين قال قتادة ومقاتل وابن جريج والحسن : المعنى ما كنا فاعلين ؛ مثل إن أنت إلا نذير أي ما أنت إلا نذير . وإن بمعنى الجحد وتم الكلام عند قوله : لاتخذناه من لدنا . وقيل : إنه على معنى الشرط ؛ أي إن كنا فاعلين ذلك ولكن لسنا بفاعلين ذلك لاستحالة أن يكون لنا ولد ؛ إذ لو كان ذلك لم نخلق جنة ولا نارا ولا موتا ولا بعثا ولا حسابا . وقيل : لو أردنا أن نتخذ ولدا على طريق التبني لاتخذناه من عندنا من الملائكة . ومال إلى هذا قوم ؛ لأن الإرادة قد تتعلق بالتبني فأما اتخاذ الولد فهو محال ، والإرادة لا تتعلق بالمستحيل ؛ ذكره القشيري .
ex