سورة الأنبياء : الآية 13

تفسير الآية 13 سورة الأنبياء

لَا تَرْكُضُوا۟ وَٱرْجِعُوٓا۟ إِلَىٰ مَآ أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَٰكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْـَٔلُونَ

التفسير الميسر (نخبة من العلماء)

فنودوا في هذه الحال: لا تهربوا وارجعوا إلى لذاتكم وتنعُّمكم في دنياكم الملهية ومساكنكم المشيَّدة، لعلكم تُسألون من دنياكم شيئًا، وذلك على وجه السخرية والاستهزاء بهم.

تفسير الجلالين (جلال الدين المحلي و السيوطي)

فقالت لهم الملائكة استهزاء «لا تركضوا وارجعوا إلى ما أترفتم» نعمتم «فيه ومساكنكم لعلكم تسألون» شيئاً من دنياكم على العادة.

تفسير السعدي (عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله السعدي التميمي مفسر)

فقيل لهم على وجه التهكم بهم: لَا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ ْ أي: لا يفيدكم الركوض والندم، ولكن إن كان لكم اقتدار، فارجعوا إلى ما أترفتم فيه، من اللذات، والمشتهيات، ومساكنكم المزخرفات، ودنياكم التي غرتكم وألهتكم، حتى جاءكم أمر الله. فكونوا فيها متمكنين، وللذاتها جانين، وفي منازلكم مطمئنين معظمين، لعلكم أن تكونوا مقصودين في أموركم، كما كنتم سابقا، مسئولين من مطالب الدنيا، كحالتكم الأولى، وهيهات، أين الوصول إلى هذا؟ وقد فات الوقت، وحل بهم العقاب والمقت، وذهب عنهم عزهم، وشرفهم ودنياهم، وحضرهم ندمهم وتحسرهم؟.

تفسير ابن كثير (عماد الدين أبي الفداء إسماعيل بن كثير القرشي)

( لا تركضوا وارجعوا إلى ما أترفتم فيه ومساكنكم ) هذا تهكم بهم قدرا أي : قيل لهم قدرا : لا تركضوا هاربين من نزول العذاب ، وارجعوا إلى ما كنتم فيه من النعمة والسرور ، والمعيشة والمساكن الطيبة .قال قتادة : استهزاء بهم .( لعلكم تسألون ) أي : عما كنتم فيه من أداء شكر النعمة .

تفسير الوسيط لطنطاوي (محمد سيد طنطاوي)

وقوله- سبحانه-: لا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلى ما أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَساكِنِكُمْ حكاية لما تقوله لهم الملائكة وهم يركضون هربا- على سبيل التهكم والاستهزاء.أى: يقال لهم من جهة الملائكة أو من جهة المؤمنين لا تركضوا هاربين وَارْجِعُوا إِلى قريتكم وإلى ما أُتْرِفْتُمْ فِيهِ أى: وإلى ما نعمتم فيه من العيش الهنيء. والخير الوفير، الذي أبطركم وجعلكم تجحدون النعم، ولم تستعملوها فيما خلقت له.فقوله: أُتْرِفْتُمْ من الترفه- بالتاء المشددة مع الضم- وهي النعمة والطعام الطيب. يقال: ترف فلان- كفرح- إذا تنعم. وفلان أترفته النعمة، إذا أطغته أو نعمته.وقوله: وَمَساكِنِكُمْ معطوف على ما.أى: لا تهربوا وارجعوا إلى ما نعمتم فيه من العيش الهنيء، وإلى مساكنكم التي كنتم تسكنونها، وتتفاخرون بها.لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ أى يقصدكم غيركم لسؤالكم عما نزل بكم، فتجيبوا عن علم ومشاهدة.قال صاحب الكشاف: «قوله لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ تهكم بهم وتوبيخ، أى: ارجعوا إلى نعيمكم ومساكنكم لعلكم تسألون غدا عما جرى عليكم ونزل بأموالكم ومساكنكم. فتجيبوا السائل عن علم ومشاهدة.أو ارجعوا واجلسوا كما كنتم في مجالسكم، وترتبوا في مراتبكم حتى يسألكم حشمكم وعبيدكم، ومن تملكون أمره. وينفذ فيه أمركم ونهيكم، ويقول لكم: بم تأمرون؟ وبماذا ترسمون؟وكيف نأتى ونذر كعادة المنعمين المخدّمين.أو يسألكم الناس في أنديتكم.. ويستشيرونكم في المهمات. ويستضيئون بآرائكم.أو يسألكم الوافدون عليكم، ويستمطرون سحائب أكفكم.. قيل لهم ذلك تهكما إلى تهكم، وتوبيخا إلى توبيخ» .

تفسير البغوي (الحسين بن مسعود البغوي أبو محمد)

( لا تركضوا ) أي : قيل لهم لا تركضوا لا تهربوا ، ( وارجعوا إلى ما أترفتم فيه ) أي نعمتم به ، ( ومساكنكم لعلكم تسألون ) قال ابن عباس : عن قتل نبيكم . وقال قتادة : من دنياكم شيئا ، نزلت هذه الآية في أهل حصورا ، وهي قرية باليمن وكان أهلها العرب ، فبعث الله إليهم نبيا يدعوهم إلى الله فكذبوه وقتلوه ، فسلط الله عليهم بختنصر ، حتى قتلهم وسباهم فلما استمر فيهم القتل ندموا وهربوا وانهزموا ، فقالت الملائكة لهم استهزاء : لا تركضوا وارجعوا إلى مساكنكم وأموالكم لعلكم تسألون .قال قتادة : لعلكم تسألون شيئا من دنياكم ، فتعطون من شئتم وتمنعون من شئتم ، فإنكم أهل ثروة ونعمة ، يقولون ذلك استهزاء بهم ، فاتبعهم بختنصر وأخذتهم السيوف ، ونادى مناد في جو السماء : يا ثارات الأنبياء ، فلما رأوا ذلك أقروا بالذنوب حين لم ينفعهم .

تفسير القرطبي (أبو عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي)

لا تركضوا أي لا تفروا . وقيل : إن الملائكة نادتهم لما انهزموا استهزاء بهم وقالت : لا تركضوا وارجعوا إلى ما أترفتم فيه ومساكنكم أي إلى نعمكم التي كانت سبب بطركم ، والمترف المتنعم ؛ يقال : أترف على فلان أي وسع عليه في معاشه . وإنما أترفهم الله - عز وجل - كما قال : وأترفناهم في الحياة الدنيا . لعلكم تسألون أي لعلكم تسألون شيئا من دنياكم ؛ استهزاء بهم ؛ قاله قتادة . وقيل : المعنى لعلكم تسألون عما نزل بكم من العقوبة فتخبرون به . وقيل : المعنى لعلكم تسئلون أي تؤمنوا كما كنتم تسألون ذلك قبل نزول البأس بكم ؛ قيل لهم ذلك استهزاء وتقريعا وتوبيخا .
ex