سورة الأنعام : الآية 147

تفسير الآية 147 سورة الأنعام

فَإِن كَذَّبُوكَ فَقُل رَّبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وَٰسِعَةٍ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُهُۥ عَنِ ٱلْقَوْمِ ٱلْمُجْرِمِينَ

التفسير الميسر (نخبة من العلماء)

فإن كذبك -أيها الرسول- مخالفوك من المشركين واليهود، وغيرهم، فقل لهم: ربكم جل وعلا ذو رحمة واسعة، ولا يُدْفع عقابه عن القوم الذين أجرموا، فاكتسبوا الذنوب، واجترحوا السيئات. وفي هذا تهديد لهم لمخالفتهم الرسول صلى الله عليه وسلم.

تفسير الجلالين (جلال الدين المحلي و السيوطي)

«فإن كذَّبوك» فيما جئت به «فقل» لهم «ربكم ذو رحمة واسعة» حيث لم يعاجلكم بالعقوبة وفيه تلطف بدعائهم إلى الإيمان «ولا يُرد بأسه» عذابه إذا جاء «عن القوم المجرمين».

تفسير السعدي (عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله السعدي التميمي مفسر)

أي: فإن كذبك هؤلاء المشركون، فاستمر على دعوتهم، بالترغيب والترهيب، وأخبرهم بأن الله ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ أي: عامة شاملة [لجميع] للمخلوقات كلها، فسارعوا إلى رحمته بأسبابها، التي رأسها وأسها ومادتها، تصديق محمد صلى الله عليه وسلم فيما جاء به. وَلَا يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ أي: الذين كثر إجرامهم وذنوبهم.فاحذروا الجرائم الموصلة لبأس الله، التي أعظمها ورأسها تكذيب محمد صلى الله عليه وسلم.

تفسير ابن كثير (عماد الدين أبي الفداء إسماعيل بن كثير القرشي)

يقول تعالى : فإن كذبك - يا محمد - مخالفوك من المشركين واليهود ومن شابههم ، فقل : ( ربكم ذو رحمة واسعة ) وهذا ترغيب لهم في ابتغاء رحمة الله الواسعة ، واتباع رسوله ، ( ولا يرد بأسه عن القوم المجرمين ) ترهيب لهم من مخالفتهم الرسول خاتم النبيين . وكثيرا ما يقرن الله تعالى بين الترغيب والترهيب في القرآن ، كما قال تعالى في آخر هذه السورة : ( إن ربك سريع العقاب وإنه لغفور رحيم ) [ الآية : 165 ] ، وقال ( وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم وإن ربك لشديد العقاب ) [ الرعد : 6 ] ، وقال تعالى : ( نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم وأن عذابي هو العذاب الأليم ) [ الحجر : 49 ، 50 ] ، وقال تعالى : ( غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ) [ غافر : 3 ] ، وقال تعالى : ( إن بطش ربك لشديد إنه هو يبدئ ويعيد وهو الغفور الودود ) [ البروج : 12 - 14 ] ، والآيات في هذا كثيرة جدا .

تفسير الوسيط لطنطاوي (محمد سيد طنطاوي)

ثم حذرهم الله من الكفر والطغيان، فقال- تعالى-: فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ رَبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ واسِعَةٍ، وَلا يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ أى: فإن كذبك- يا محمد- هؤلاء اليهود وأمثالهم من المشركين، فيما أخبرناك عنه من أنا حرمنا على هؤلاء اليهود بعض الطيبات عقوبة لهم، فقل لهم. إن الله- تعالى- ذو رحمة واسعة حقا ورحمته وسعت كل شيء، ومن مظاهر رحمته أنه لا يعاجل من كفر به بالعقوبة، ولا من عصاه بالنقمة، ولكن ذلك لا يقتضى أن يرد بأسه، أو يمنع عقابه عن القوم المصرين على إجرامهم المستمرين على اقتراف المنكرات، وارتكاب السيئات.فالآية الكريمة قد جاءت لتزجرهم عن البغي والكفران، حتى يعودوا إلى طريق الحق. إن كانوا ممن ينتفع بالذكرى، ويعتبر بالموعظة.ثم حكى القرآن بعد ذلك شبهة من الشبهات الباطلة التي تمسك بها المشركون في شركهم وجهالاتهم ورد عليها بما يبطلها ويخرس ألسنة قائليها أو المتذرعين بها فقال:

تفسير البغوي (الحسين بن مسعود البغوي أبو محمد)

( فإن كذبوك فقل ربكم ذو رحمة واسعة ) بتأخير العذاب عنكم ، ( ولا يرد بأسه ) عذابه ( عن القوم المجرمين ) إذا جاء وقته .

تفسير القرطبي (أبو عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي)

قوله تعالى فإن كذبوك فقل ربكم ذو رحمة واسعة ولا يرد بأسه عن القوم المجرمين قوله تعالى فإن كذبوك شرط ، والجواب فقل ربكم ذو رحمة واسعة . أي من سعة رحمته حلم عنكم فلم يعاقبكم في الدنيا . ثم أخبر بما أعده لهم في الآخرة من العذاب فقال : ولا يرد بأسه عن القوم المجرمين .وقيل : المعنى ولا يرد بأسه عن القوم المجرمين إذا أراد حلوله في الدنيا .
ex