سورة الأعلى : الآية 7

تفسير الآية 7 سورة الأعلى

إِلَّا مَا شَآءَ ٱللَّهُ ۚ إِنَّهُۥ يَعْلَمُ ٱلْجَهْرَ وَمَا يَخْفَىٰ

التفسير الميسر (نخبة من العلماء)

سنقرئك -أيها الرسول- هذا القرآن قراءة لا تنساها، إلا ما شاء الله مما اقتضت حكمته أن ينسيه لمصلحة يعلمها. إنه - سبحانه- يعلم الجهر من القول والعمل، وما يخفى منهما.

تفسير الجلالين (جلال الدين المحلي و السيوطي)

«إلا ما شاء الله» أن تنساه بنسخ تلاوته وحكمه، وكان صلى الله عليه وسلم يجهر بالقراءة مع قراءة جبريل خوف النسيان فكأنه قيل له: لا تعجل بها إنك لا تنسى فلا تتعب نفسك بالجهر بها «إنه» تعالى «يعلم الجهر» من القول والفعل «وما يخفى» منهما.

تفسير السعدي (عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله السعدي التميمي مفسر)

إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ مما اقتضت حكمته أن ينسيكه لمصلحة بالغة، إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى ومن ذلك أنه يعلم ما يصلح عباده أي: فلذلك يشرع ما أراد، ويحكم بما يريد .

تفسير ابن كثير (عماد الدين أبي الفداء إسماعيل بن كثير القرشي)

وجعلوا معنى الاستثناء على هذا ما يقع من النسخ ، أي : لا تنسى ما نقرئك إلا ما شاء الله رفعه ; فلا عليك أن تتركه .وقوله : ( إنه يعلم الجهر وما يخفى ) أي : يعلم ما يجهر به العباد وما يخفونه من أقوالهم وأفعالهم ، لا يخفى عليه من ذلك شيء .

تفسير الوسيط لطنطاوي (محمد سيد طنطاوي)

وقوله: إِلَّا ما شاءَ اللَّهُ استثناء مفرغ من أعم المفاعيل، أى: لا تنسى مما تقرؤه شيئا من الأشياء، إلا ما شاء الله أن تنساه، وهو لم يشأ- سبحانه- أن ينسى النبي صلى الله عليه وسلم شيئا كقوله- تعالى- خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ. وقيل: «لا» في قوله فَلا تَنْسى للنهى، والألف مزيدة لرعاية الفاصلة، كما في قوله- تعالى-: فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا، يعنى: فلا تغفل عن قراءته.وقال الإمام الرازي: وهاتان الآيتان تدلان على المعجزة من وجهين:أحدهما: أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان أميا، فحفظه لهذا الكتاب المطول عن غير دراسة، ولا تكرار، ولا كتبة، خارق للعادة فيكون معجزا. وثانيهما: أن هذه السورة من أوائل ما نزل بمكة. فهذا إخبار عن أمر عجيب غريب مخالف للعادة. سيقع في المستقبل، وقد وقع، فكان هذا إخبارا عن الغيب، فيكون معجزا...

تفسير البغوي (الحسين بن مسعود البغوي أبو محمد)

"إلا ما شاء الله" أن تنساه ، وما نسخ الله تلاوته من القرآن ، كما قال : " ما ننسخ من آية أو ننسها " ( البقرة - 106 ) والإنساء نوع من النسخ .وقال مجاهد ، والكلبي : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا نزل عليه جبريل - عليه السلام - ، لم يفرغ من آخر الآية حتى يتكلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأولها ، مخافة أن ينساها ، فأنزل الله تعالى : " سنقرئك فلا تنسى " [ فلم ينس بعد ] ذلك شيئا . ( إنه يعلم الجهر ) من القول والفعل ( وما يخفى ) منهما ، والمعنى : أنه يعلم السر والعلانية .

تفسير القرطبي (أبو عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي)

ووجه الاستثناء على هذا ، ما قاله الفراء : إلا ما شاء الله ، وهو لم يشأ أن تنسى شيئا كقوله تعالى : خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك . ولا يشاء . ويقال في الكلام : لأعطينك كل ما سألت إلا ما شئت ، وإلا أن أشاء أن أمنعك ، والنية على ألا يمنعه شيئا . فعلى هذا مجاري الأيمان يستثنى فيها ونية الحالف التمام . وفي رواية أبي صالح عن ابن عباس : فلم ينس بعد نزول هذه الآية حتى مات ، إلا ما شاء الله . وعن سعيد عن قتادة ، قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا ينسى شيئا إلا ما شاء الله . وعلى هذه الأقوال قيل : إلا ما شاء الله أن ينسى ، ولكنه لم ينس شيئا منه بعد نزول هذه الآية . وقيل : إلا ما شاء الله أن ينسى ، ثم يذكر بعد ذلك فإذا قد نسي ، ولكنه يتذكر ولا ينسى نسيانا كليا . وقد روي أنه أسقط آية في قراءته في الصلاة ، فحسب أبي أنها نسخت ، فسأله فقال : " إني نسيتها " . وقيل : هو من النسيان أي إلا ما شاء الله أن ينسيك . ثم قيل : هذا بمعنى النسخ أي إلا ما شاء الله أن ينسخه . والاستثناء نوع من النسخ . وقيل : النسيان بمعنى الترك أي يعصمك من أن تترك العمل به إلا ما شاء الله أن تتركه لنسخه إياه . فهذا في نسخ العمل ، والأول في نسخ القراءة . قال الفرغاني : كان يغشى مجلس الجنيد أهل البسط من العلوم ، وكان يغشاه ابن كيسان النحوي ، وكان رجلا جليلا فقال يوما : ما تقول يا أبا القاسم في قول الله تعالى : سنقرئك فلا تنسى ؟ فأجابه مسرعا - كأنه تقدم له السؤال قبل ذلك بأوقات : لا تنسى العمل به . فقال ابن كيسان : لا يفضض الله فاك مثلك من يصدر عن رأيه . وقوله فلا : للنفي لا للنهي . وقيل : للنهي وإنما أثبتت الياء ; لأن رءوس الآي على ذلك . والمعنى : لا تغفل عن قراءته وتكراره فتنساه إلا ما شاء الله أن ينسيكه برفع تلاوته للمصلحة . والأول هو المختار ; لأن الاستثناء من النهي لا يكاد يكون إلا مؤقتا معلوما . وأيضا فإن الياء مثبتة في جميع المصاحف ، وعليها القراء . وقيل : معناه إلا ما شاء الله أن يؤخر إنزاله . وقيل : المعنى فجعله غثاء أحوى إلا ما شاء الله أن ينال بنو آدم والبهائم ، فإنه لا يصير كذلك .قوله تعالى : إنه يعلم الجهر أي الإعلان من القول والعمل . وما يخفى من السر . وعن ابن عباس : ما في قلبك ونفسك . وقال محمد بن حاتم : يعلم إعلان الصدقة وإخفاءها . وقيل : الجهر ما حفظته من القرآن في صدرك . وما يخفى هو ما نسخ من صدرك .
ex