سورة الذاريات : الآية 58

تفسير الآية 58 سورة الذاريات

إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلرَّزَّاقُ ذُو ٱلْقُوَّةِ ٱلْمَتِينُ

التفسير الميسر (نخبة من العلماء)

إن الله وحده هو الرزاق لخلقه، المتكفل بأقواتهم، ذو القوة المتين، لا يُقْهَر ولا يغالَب، فله القدرة والقوة كلها.

تفسير الجلالين (جلال الدين المحلي و السيوطي)

«إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين» الشديد.

تفسير السعدي (عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله السعدي التميمي مفسر)

إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ أي: كثير الرزق، الذي ما من دابة في الأرض ولا في السماء إلا على الله رزقها، ويعلم مستقرها ومستودعها، ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ أي: الذي له القوة والقدرة كلها، الذي أوجد بها الأجرام العظيمة، السفلية والعلوية، وبها تصرف في الظواهر والبواطن، ونفذت مشيئته في جميع البريات، فما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، ولا يعجزه هارب، ولا يخرج عن سلطانه أحد، ومن قوته، أنه أوصل رزقه إلى جميع العالم، ومن قدرته وقوته، أنه يبعث الأموات بعد ما مزقهم البلى، وعصفت بترابهم الرياح، وابتلعتهم الطيور والسباع، وتفرقوا وتمزقوا في مهامه القفار، ولجج البحار، فلا يفوته منهم أحد، ويعلم ما تنقص الأرض منهم، فسبحان القوي المتين.

تفسير ابن كثير (عماد الدين أبي الفداء إسماعيل بن كثير القرشي)

وقوله : ( ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين ) قال الإمام أحمد :حدثنا يحيى بن آدم وأبو سعيد قالا حدثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن عبد الرحمن بن يزيد ، عن عبد الله بن مسعود قال : أقرأني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إني لأنا الرزاق ذو القوة المتين " .ورواه أبو داود ، والترمذي ، والنسائي ، من حديث إسرائيل ، وقال الترمذي : حسن صحيح .ومعنى الآية : أنه تعالى خلق العباد ليعبدوه وحده لا شريك له ، فمن أطاعه جازاه أتم الجزاء ، ومن عصاه عذبه أشد العذاب ، وأخبر أنه غير محتاج إليهم ، بل هم الفقراء إليه في جميع أحوالهم ، فهو خالقهم ورازقهم .قال الإمام أحمد : حدثنا محمد بن عبد الله ، حدثنا عمران - يعني ابن زائدة بن نشيط - عن أبيه ، عن أبي خالد - هو الوالبي - عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : قال الله : " يابن آدم ، تفرغ لعبادتي أملأ صدرك غنى ، وأسد فقرك ، وإلا تفعل ملأت صدرك شغلا ولم أسد فقرك " .ورواه الترمذي وابن ماجه ، من حديث عمران بن زائدة ، وقال الترمذي : حسن غريب .وقد روى الإمام أحمد عن وكيع وأبي معاوية ، عن الأعمش ، عن سلام أبي شرحبيل ، سمعت حبة وسواء ابني خالد يقولان : أتينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يعمل عملا أو يبني بناء - وقال أبو معاوية : يصلح شيئا - فأعناه عليه ، فلما فرغ دعا لنا وقال : " لا تيأسا من الرزق ما تهززت رءوسكما ، فإن الإنسان تلده أمه أحمر ليس عليه قشرة ، ثم يعطيه الله ويرزقه " . و [ قد ورد ] في بعض الكتب الإلهية : " يقول الله تعالى : ابن آدم ، خلقتك لعبادتي فلا تلعب ، وتكفلت برزقك فلا تتعب فاطلبني تجدني ; فإن وجدتني وجدت كل شيء ، وإن فتك فاتك كل شيء ، وأنا أحب إليك من كل شيء " .

تفسير الوسيط لطنطاوي (محمد سيد طنطاوي)

ثم بين- سبحانه- أنه هو صاحب القوة والرزق فقال: إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ أى: إن الله- تعالى- هو الرزاق لغيره دون أحد سواه، وهو- سبحانه- صاحب القوة التي لا تشبهها قوة، وهو المتين أى: الشديد القوة- أيضا- فهو صفة للرزاق، أو لقوله: ذُو، أو خبر مبتدأ محذوف. وهو مأخوذ من المتانة بمعنى القوة الفائقة.

تفسير البغوي (الحسين بن مسعود البغوي أبو محمد)

( إن الله هو الرزاق ) يعني : لجميع خلقه ( ذو القوة المتين ) وهو القوي المقتدر المبالغ في القوة والقدرة .

تفسير القرطبي (أبو عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي)

إن الله هو الرزاق وقرأ ابن محيصن وغيره " الرازق " .ذو القوة المتين أي : الشديد القوي . وقرأ الأعمش ويحيى بن وثاب والنخعي " المتين " بالجر على النعت للقوة . الباقون بالرفع على النعت ل " الرزاق " أو " ذو " من قوله : ذو القوة أو يكون خبر ابتداء محذوف ; أو يكون نعتا لاسم " إن " على الموضع ، أو خبرا بعد خبر . قال الفراء : كان حقه المتينة فذكره لأنه ذهب بها إلى الشيء المبرم المحكم الفتل ; يقال : حبل متين . وأنشد الفراء :لكل دهر قد لبست أثوبا حتى اكتسى الرأس قناعا أشيبامن ريطة واليمنة المعصبافذكر المعصب ; لأن اليمنة صنف من الثياب ; ومن هذا الباب قوله تعالى : فمن جاءه موعظة أي وعظ . وأخذت الذين ظلموا الصيحة أي : الصياح والصوت .
ex